صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/69

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الامس واليوم
٥١
 


سروري، وصرح رفعته ليهدم غبطتي. كنت وابنة البدو نسير والعفاف ثالثنا، والحب نديمنا، والقمر رقيبنا، واليوم أصبحت بين اللواتي يمشين ممدودات الأعناق غامزات العيون، الشاريات الحسن بالسلاسل والمناطق، البائعات الوصل بالأساور والخواتم. كنت والفتيان نخطر بين الأشجار كسرب الغزلان نشترك بإنشاد الأغاني، نقتسم ملذات الحقول، واليوم صرت بين القوم كالنعجة بين الكواسر، أمشي في الشوارع فتنفتح على عيون البغض ويشار إلي بأصابع الحسد، وإن ذهبت إلى المتنزهات لا أرى غير وجوه كالحة ورءوس شامخة.بالأمس أُعْطِيتُ الحياة وجمال الطبيعة واليوم سُلِبْتُهُمَا، بالأمس كنت غنيًّا بسعادتي واليوم أصبحت فقيرًا بمالي، وبالأمس كنت ونعاجي مثل ملك رؤوف ورعية، واليوم صرت لدى الذهب كالعبد المتصاغر أمام السيد المظلوم... ما كنت أحسب أن المال يطمس عين نفسي