صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/105

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
مناحة في الحقل
٨٧
 

«لماذا تنوح يا أيها الجدول العذب؟» فأجابني: «لأنني سائر كرهًا إلى المدينة، حيث الإنسان يحتقرني ويستعيض عني بعصير الكرمة ويستخدمني لحمل أدرانه، كيف لا أنوح وعن قريب تصبح نقاوتي وزرًا، وطهارتي قذرًا.»

ثم أصغيت فسمعت الطيور تغنِّي نشيدًا محزنًا يحاكي الندب، فسألتها: «لماذا تندبين يا أيتها الطيور الجميلة؟» فاقترب مني عصفور ووقف على طرف الغصن وقال: «سوف يأتي ابن آدم حاملًا آلة جهنمية تفتك بنا فتك المنجل بالزرع، فنحن نُوَدِّعُ بعضنا بعضًا لأننا لا ندري من مِنَّا يتملَّص من القدر المحتوم، كيف لا نندب والموت يتبعنا أينما سرنا.»

طلعت الشمس من وراء الجبل وتوَّجت رؤُوس الأشجار بأكاليل ذهبية، وأنا أسأل ذاتي لماذا يهدم الإنسان ما تبنيه الطبيعة؟