صفحة:حياتنا بعد الخمسين- سلامة موسى- 1944.djvu/23

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الإيحاء الذاتي والإجتماعي

عند التأمل العميق نجد أن كل إيحاء ذاتي إنماهو إيحاء اجتماعي. ذلك لأننا نكسب لغتنا وعاداتنا وأخلاقنا ومثلياتنا وثقافتنا من المجتمع فلا نفكر إلا وفق الأساليب التي رسمها لنا . بل إننا حين نكافح هذا المجتمع فإنما نكافحه بمثليات قد رسمتها لنا طبقة من هذا المجتمع ، أو هيأت لنا خيالنا، لكي نرسمها . فالمجتمع يحوطنا ويكيف لنــاعواطفناً ويعين لنا الرذائل والفضائل . ولكننا أحياناً نرتفع عليـه ونرفض النزول على مارسمه لنا . ومع ذلك نحن في هذا الإرتفاع نفسه لانتجاوز مثلياته المضمرة في بعض طبقاته الراقية

فإذا كان المجتمع يعتقد أننا يجب أن نتقاعد وتتماوت في سن الستين وأن نستقيل من الحياة مع الاستقالة من الوظيفة ، فإن هذا الإيحاء يقع في نفوسنا ونحس بالفعل عاطفة الإنكسار والإنزواء ، فنخلع المسئولية ونرتضى بحياة التثاؤب والتمطى إلى أن نموت ، ومجتمعنا من أسوأ المجتمعات من هذه الناحية لسبب واحد هو أنه إلى حد عظيم مجتمع جامد ، بل أحياناً موات. وليس مثل تلك المجتمعات الأوربية المتحركة