صفحة:حياتنا بعد الخمسين- سلامة موسى- 1944.djvu/24

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المرتقية . فنحن في مصر ننظر إلى الستيني أو السبعيني من الرجل كما ننظر إلى المرأة نولى كلا منهما الاحترام والوقار . ولكن لقاء هـذا نطالب كلا منهما أيضاً بالانزواء عن الدنيا، فلا يصح لأحدهما أن يلعب أو يمرح . فلا يجوز للستينى من الرجال أن يلبس بنطلوناً قصيراً أو يسير بلا جاكتة أو طربوش، كما لا يجوز للمرأة أن تنتفع بفيتامين د على الشواطىء وتستمتع بالأنسة والاختلاط بالجنس الآخر

وحين نقعـد إلى أحد المسنين نخاطبه بكلمات وإيحاءات العطف فنوهمه بالعجز ، ونشعره كأنه قد انتهى من تمثيل دوره وعليه أن يقنع بالماضي ولا يتطلع إلى المستقبل، فلا يفكر في مشروعات جديدة . بل إننا لنستهجن منه الجري أو الوثب لأنهما يخالفان وقار الشيخوخة

وهذا الإيحاء يؤثر في نفس المسن ، فتتكون له عادات وتتربي له عواطف تؤدى إلى الفتور والكسل والإنزواء ، بل تقوى عنده الرغبة في الموت . فاذا سار في الطريق سلحف في مشيته ، ليس عن ضعف بل عن إيحاء ، وإذا استراح بعد العصر تكاسل ، ووصل نهاره في السرير بصباح غده . وإذا أكل لم يبال الأطعمة من حيث موافقتها أو مخالفتها لصحته ، لأن تكرار هذا الإيحاء قد طبع في قلبه أنه شيخ هرم قد بلغ مغرب الحياة وأن عليه أن يتودع من الدنيا ، وان يمضى عليه قليل وهو في هذه الحال حتى يجد أن جسمه قد ترهل وقلبه قد ضعف وشرايينه قد جمدت

ولقاء هذه الإيحاءات الضارة من مجتع جامد وقارى ، يجب على كل مسن أن يمارس إيحاء ذاتيا لكى يستبقى شبابه ويستمتع بالدنيا