صفحة:حياتنا بعد الخمسين- سلامة موسى- 1944.djvu/113

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الأحوال وتستعد لها . كما يجب على المحيطين بها في هذه الظروف أن يكونوا أقرب الناس وأحبهم إليها ، حتى ينظروا إليها بعطف وتبصر

ومتى مرت هذه الأزمة في سلام ، فإن المرأة تسير إلى الستين والسبعين. كالرجال ، وينطبق عليها كل ما ينطبق عليهم ما ذكرنا في هذا الكتاب ولكن مجتمعنا يعامل المرأة معاملة خاصة تختلف معاملته للرجل ، ولذلك فإن مصاعبها في الشيخوخة أكبر من مصاعبه . ومن الملاحظات المألوفة أن الإنهيار العقلي عند المرأة يسرع إليها في الشيخوخة ، بينما هو يبطىء في الرجل . ولا نكاد نعرف سبا لهذا إلا حبسة البيت وضيق الآفاق التي تهتم بها المرأة . وإلى ضيق هذه الآفاق الذهنية والعاطفية ، ينضاف ضيق المجال لحركة المرأة ، ولذلك لا تكاد تصل إلى الستين حتى يركد جسمها وذهنها وتبدو في شيخوخة آسنة . في حين يكون زميلها الرجل في نشاط ، يجوب شوارع المدينة في انطلاق وحرية ، ويقرأ الصحف ، وينضوى إلى الأحزاب ، ويكافح في كسب العيش أو في الحركات السياسية أو الإجتماعية . وقد أوصلناها نحن إلى هذه الحال ، لأننا نعكس الوضع الاجتماعي إذ نقول أن المرأة خلقت للبيت بدلا من أن نقول أن البيت خلق للمرأة . وأحياناً نقول ان المرأة خلقت لأن تكون زوجة وأماً ، وننسى أنها قبل كل هذا يجب أن تكون إنساناً غايته أن يستمتع بهذه الدنيا ، وأن يرقى شخصيته الطريقة السوية التي يراها هو دون إملاء من آخر . وكثير من نسائنا يعشن في خواء النفس والذهن . ومن هنا هذا السمن الذي يقعن فيه . لأن سأم الحياة في حبسة البيت ، وضيق المجال