صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/30

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

حقوق النساء في الإسلام إن طبيعة العصر الذي نحن فيه منافرة للاستبداد معادية للاستعباد، ميالة إلى سوق القوى الإنسانية في طريق واحد وغاية واحدة، فهذا الطائف الرحماني الذي طاف على نفوس البشر فنبه منها ما كان غافلًا، لا بد أن ينال منه النساء نصيبهن، فمن الواجب علينا أن نمد إليهن يد المساعدة، ونعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في الضعيفين: المرأة، واليتيم»، ولا شيء أدخل في باب التقوى من تهذيب العقل وتكميل النفس، وإعدادها بالتعليم والتربية إلى مدافعة الرذائل ومقاومة الشهوات، ولا من حسن المعاملة واللطف في المعاشرة، فعلينا أن نجعل الصلة بيننا وبينهن صلة محبة ورحمة، لا صلة إكراه وقسوة. هذا ما تفرضه علينا الإنسانية وتطالبنا به الشريعة، وهو مع ذلك فريضة وطنية يجب علينا أداؤها حتى تكون جميع أعضاء المجتمع عندنا حية عاملة قائمة بوظائفها. وقبل أن أختم الكلام في هذا الباب، أرى من الواجب علي أن أنبه القارئ إلى أنّي لا أقصد رفع الحجاب الآن دفعة واحدة والنساء على ما هي عليه اليوم؛ فإن هذا الانقلاب ربما ينشأ . عنه مفاسد جمة لا يتأتى معها الوصول إلى الغرض المطلوب كما هو الشأن في كل انقلاب فجائي، وإنما الذي أميل إليه هو إعداد نفوس البنات في زمن الصبا إلى هذا التغيير فيعودون بالتدريج على الاستقلال، ويودع فيهن الاعتقاد بأن العفة ملكة في النفس، لا ثوب يختفي دونه الجسم، ثم يعودون على معاملة الرجال من أقارب وأجانب، مع المحافظة على الحدود الشرعية وأصول الأدب تحت ملاحظة أوليائهن، عند ذلك يسهل عليهن الاستمرار في معاملة الرجال بدون أدنى خطر يترتب على ذلك، اللهم إلا في أحوال مستثناة لا تخلو منها محجبة أو بادية. نعم لا ننكر أن هذا التغيير لا يخلو من وجوه انتقاد، لكن سبب وجوه الانتقاد في الحقيقة ليس هو نفس التغيير، ولكن الأحوال التي احتفت به، وأهمها: رسوخ عادة الحجاب في أنفس الجمهور الأعظم، ونقص تربية النساء، فلو كملت تربيتهن على مقتضى الدين وقواعد الأدب، ووقف الحجاب عند الحد المعروف في أغلب المذاهب الإسلامية، سقطت كل تلك الانتقادات، وأمكن للأمة أن تنتفع بجميع أفرادها نساء ورجالًا. سيقول قوم إن ما أنشره بدعة، فأقول: نعم، أتيت ببدعة ولكنها ليست في الإسلام، بل في العوائد وطرق المعاملة التي يحمد طلب الكمال فيها. لم يعتقد المسلم أن عوائده لا تتغير ولا تتبدل، وأنه يلزمه أن يحافظ عليها إلى الأبد؟ ولم يجر على هذا الاعتقاد في عمله أنه مع هو وعوائده جزء من الكون الواقع تحت حكم