صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/29

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الجهة الاجتماعية استأجر بيتا فهو إنما يستأجر في الواقع بيتين، ويتبع ذلك ما يلزم لكل منهما من الأثاث والفرش، ولا بد له من فريقين من الخدم، فريق يخدم الرجال في القسم المختص به، والآخر يختص بخدمة النساء داخل البيت، ثم لا بد له من عربة للنساء وعربة للرجال؛ لأنه ليس من الجائز في عرفنا أن يركب الرجل مع زوجته أو مع والدته في عربة واحدة. وهو مضطر لأن يزيد في النفقة للطعام وما يتبعه؛ لأنه إذا أتى ضيف واحد رجلًا كان أو امرأة وجب تحضير مائدتين بدل واحدة كانت تكفي، وهكذا ترى نفقات ضائعة وثمرات گشب مستهلكة، ولا سبب لها إلا تشديد الحجاب على النساء، هل يظن المصريون أن رجال أوروبا مع أنهم بلغوا من كمال العقل والشعور مبلغا مكنهم من اكتشاف قوة البخار والكهرباء، واستخدامها على ما نشاهده بأعيننا، وأن تلك النفوس التي تخاطر في كل يوم بحياتها في طلب العلم والمعالي، وتفضل الشرف على لذة الحياة، هل يظنون أن تلك العقول وتلك النفوس التي تعجب بآثارها يمكن أن يغيب عنها معرفة الوسائل لصيانة المرأة وحفظ عفتها؟ هل يظنون أن أولئك القوم يتركون الحجاب بعد عندهم لو رأوا خيرا فيه؟ كلا، وإنما الإفراط في الحجاب من الوسائل التي تبادر عقول الشنج وتركن إليها نفوسهم، ولكنها يمجها كل عقل مهذب وكل شعور رقيق. متی تهذب العقل ورق الشعور أدرك الرجل أن المرأة إنسان من نوعه، لها ما له وعليها ما عليه، وأن لا حق لأحدهما على الآخر بعد توفية ما فرضته الشريعة على كل منهما لصاحبه إلا ما يعطيه كل من نفسه بمحض إرادته وحسن اختياره. متی تهذب العقل ورق الشعور في الرجل عرف أن حجاب المرأة إعدام لشخصها، فلا تسمح له ذمته بعد ذلك أن يرتكب هذه الجريمة توصلًا إلى ما يظنه راحة بال واطمئنان قلب. متی تهذب العقل ورق الشعور في الزوج وجد من نفسه أن لا سبيل إلى اطمئنان قلبه في عشرة أمرأة جاهلة مهما كان الحال بينها وبين الرجال. متى تهذب العقل ورق الشعور في الرجل أدرك أن ألذ شيء تشتاق إليه نفسه هو حب يصل بينه وبين إنسان مثله، بحسن اختيار وسلامة ذوق، لا بمجرد نزعات الهوى ونزوات الشهوة، فيسعى جهده في ما يقويه ويشد عراه، ويبذل ما في وسعه للمحافظة عليه. متی تهذب العقل ورق الشعور في الرجل والمرأة لا تقتنع نفوسهما بالاختلاط الجسداني وحده، بل يصير أعظم همهما طلب الائتلاف العقلي. ۲۹