صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/27

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الجهة الاجتماعية

سبيل لهم إلى بلوغ درجات الفضل إلا بالعلم وحرية الفكر والعمل، فما لنا نختلف في هذه القضية نفسها إذا عرض ذكر المرأة؟ وأي فرق بين الصنفين في الفطرة والخلقة؟ والحق أنا غالينا في اعتبار صفة العفة في النساء وفي الحرص عليها، وفي ابتداع الوسائل لحفظ ما ظهر منها وتفخيم صورتها؛ حتى جعلنا كل شيء فداءها، وطلبنا أن يتضاءل ويضمحل كل خلق وكل ملكة دونها. نعم، العفة أجمل شيء في المرأة وأبهى حلية تتحلى بها، ولكن العفة لا تغني عن بقية الصفات والملكات التي يجب أن تتحلى نفس المرأة بها، من كمال العقل، وحسن التدبير، والخبرة بتربية الأولاد، وحفظ نظام المعيشة في البيت، والقيام على كل ما يعهد إليها من الشئون الخاصة بها، بل نقول إن لهذه الصفات دخلًا كبيرا في كمال العفة، وفقدان المرأة خصلة من هذه الخصال لا ينقص في ضرره وفي الحط من شأنها عن فقدان العفة نفسها. اتفقت الشرائع الإلهية والقوانين الوضعية على أن عقد الزواج وحده هو الذي يحلل الاجتماع بين الرجل والمرأة، وأن اجتماعهما بدون ذلك العقد المقدس ممنوع وممقوت، ذلك أمر اقتضاه نظام العشيرة وكمال النفس الإنسانية، فالعمل على ما يخالفه قبيح مذموم بلا ريب، غير أن تلك الشرائع الإلهية والقوانين الوضعية قد حظرت أعمالًا أخرى، وأنزلتها من الشناعة منزلة لا تنحط عن منزلة الخنا، ووضعت عليها عقوبات أشد من العقوبة عليه؛ لأنها اعتبرت أن لتلك الأعمال من الضرر بالنظام ما هو أشد من ضرر الزنا. ولنضرب مثلا بجريمة القتل، فإنها أعظم من جريمة الزنا في نظر الدين والقانون، فلم لم تتخذ للوقاية منها من الوسائل الضارة ما اتخذناه للوقاية من الزنا؟ إنا معرضون في كل ساعة تمر من حياتنا إلى مصائب لا تحصى، وهذا لم يمنعنا من أن نتحرك ونسعى ونقتحم الأخطار في الأسفار لنحصل من رزق الله ما نحتاج إليه. إنا نشعر بأنواع الجرائم ترتكب من حولنا، فالقتل والنهب والنصب والتزوير والقذف وغيرها من الجرائم تزعج الساكن وتقلق المطمئن، ومع ذلك فإنا نحتمل مصائبها وتسلّم لحكم القدر فيها، ونجتهد في تطهير المجتمع منها بالوسائل المشروعة من التربية أو إيقاع العقوبة على مرتكب الجريمة. فلم لا يكون ارتكاب الفحش من المرأة جريمة من هذه الجرائم التي لا يخلو منها مجتمع إنساني؟ ولم نتخيل أنها أشنع وأفظع من سواها حتى اتخذنا لمنعها ما لم نتخذه لمنع غيرها؟ وعلى أي حال فليس من الجائز أن نأتي ما فيه ضرر محقق لنتقي به ضررا وهميا، فوقوع الفحش من المرأة أمر محتمل الوقوع قد يكون وربما لا يكون، أما حجابها ومنعها ۲۷