صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
‫الجهة الاجتماعية‬

أركان عقد ذلك الاتفاق هي نظرات وإشارات لا تُفصح عن خُلُق من الأخلاق، ولا عن مَلَكَة من المَلَكات، ولا عن درجة من العرفان، ولا تدل على حالة نفسية ولا عقلية ولا جسمية يمكن الارتباط بها بين شخصين.

سوء التربية هو الذي يخرق كل حجاب ويفتح على المرأة من النساء كل باب، وهو الذي يُخشى معه أن تسري العدوى من امرأة إلى امرأة، ومن طبقة إلى طبقة، فقد نرى أن المحَّجبات مهما بالغن في التحجُّب لا يستنكفن أن يختلطن بنساءٍ أحط منهن في الدرجة وأبعد عن التصوُّن والعفة، فسيدة المنزل لا ترى بأسًا من مخالطة زوجة خادمها، بل قد تأنَس بالحديث معها وسماع ما تنقله إليها من غير مبالاة بما يلائم الحشمة وما لا يلائمها، ولا تأنف التفتُّح في القول مع الدلَّالات وبائعات الأقمشة، بل قد يطوحها الجهل إلى الاختلاط بنسوة لا تعرف شيئًا من حالهن، ولا من أي مكانٍ أَتَيْنَ، ولا بأي خُلُقٍ من الأخلاق تخلَّقن. وأشنع من هذا كله وأشد فعلًا في إفساد الأخلاق أن النساء المومسات اللاتي يحملن تذكرة رسمية، يُدعَوْن في الأفراح ويرقُصن تحت أعيُن الأمهات والبنات والكبار والصغار.

‫هذا ما يأتي من سوء التربية، وهو من أشد العوامل في تمزيق ستار الأدب، وليست رقة الحجاب بشيءٍ في جانب هذا كله.

طرقت ديارَنا حوادثُ، ودخلَنا ضرب من الاختلاط مع أممٍ كثيرة من الغربيين، ووُجدت علائق بيننا وبينهم علَّمتنا أنهم أرقى منَّا وأشد قوة، ومال ذلك بالجمهور الأغلب منَّا إلى تقليدهم في ظواهر عوائدهم، خصوصًا إن كان ذلك إرضاءً لشهوة أو إطلاقًا من قيد، فكان من ذلك أن كثيرًا من أعياننا تساهلوا لزوجاتهم ومن يتصل بهم من النساء، وتسامحوا لهن في الخروج إلى المنتزهات، وحضور التياترات ونحو ذلك، وقلَّدهن في ذلك كثير ممن يليهن، وعرض من هذه الحالة بعض فساد في الأخلاق.

تلك حالة طرأت للأسباب التي تقدمت، وتبعها من العواقب ما بيَّنَّاه، ولكن ليس من مصلحتنا — بل ولا من المُستطاع لنا — محو هذه الحالة والرجوع إلى تغليظ الحجاب، بل صار من متمِّمَات شئوننا أن نحافظ عليها ونتقي تلك المضارَّ التي نشأَت عنها، وذلك هو ما نستطيعه أيضًا.

أما أنه ليس من مصلحتنا أن نمحو هذه الحالة فلِما قدمناه في مضارِّ الحجاب على الوجه المعروف. وأما أننا لا نستطيع ذلك فلأن أسباب هذه الحالة ممَّا فصَّلناه سابقًا لا تزال موجودة، وهي تزداد بمرور الزمان رغمًا عنَّا، ولأننا قد وجدنا من أنفسنا ميلًا إلى‬

٢٥