صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/24

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
‫حقوق النساء في الإسلام‬

وإن لم يملكه لم يملك منها شيئًا؛ ذلك لأنه ليس في استطاعة رجل أن يراقب حركات امرأته وسيرها في كل دقيقة تمر من الليل والنهار.

‫متى خرج أحدنا من منزله أو سمح لامرأته أن تخرج بسبب من الأسباب، فعلامَ يتَّكِل إن لم يكن على صيانتها وحفظها نفسَها بنفسها؟ ثم ماذا يفيد الرجل أن يملك جسم امرأته وحده إذا غاب عنه قلبها؟ أيستطيع أن يمنعها أن تتصرف فيه وتبذله لأي شخص تريد؟ فإذا رأت امرأة من الشباك رجلًا فأعجبها ومالت إليه بقلبها وودَّتْ أن تواصله لحظة، أفلا يُعدُّ هذا في الحقيقة من الزنا؟ ألم يتمزق حجاب العفة في هذه اللحظة؟ وهل بُعد المسافة بينها وبين الرجل وعدم تمكُّنها من مواصلتها يُسمى عفة؟ نعم إن الشرائع لا تعاقب ولا تقيم الحد على زنا العين والقلب لأن العقوبات والحدود لا سلطان لها على الخواطر والقلوب. ولكن في نظر أهل الأدب والتقوى لا عبرة للبعد بين الأجساد إذا تواصلت الأرواح واجتمعت القلوب. ومع ذلك، ما الذي فعل الحجاب؟ ألم تسمع بما يجري في داخل البيوت مما يُنافي العفة ويُخِلُّ بالشرف؟ هل منع البرقع وقصر النساء وراء الحجاب والأقفال سريان الفساد إلى ما وراء تلك الحُجُب؟ كلا.

ربما يقول قائل إن ما نسمعه اليوم عن كثير من النساء أكثر ممَّا كنَّا نسمعه سابقًا، وإن الإشاعات عن النساء أشد انتشارًا، بل ربما كان الفساد في الواقع أوسع دائرة ممَّا كان عليه قبل ثلاثين سنة مثلًا، ولا منشأ لذلك إلا رقة الحجاب، فالحالة القديمة على ما فيها كانت أصوَنَ للأعراض وأحفَظ لشرف المرأة من تلك الحالة التي طرأَتْ على النساء.

فنجيب عن ذلك بأننا لا ننكر أن بعض الطباع الفاسدة من الرجال والنساء معًا، وجدت سبيلًا من تخفيف الحجاب إلى تعارُف بعضها ببعض، وإتيان ما تميل إليه من المنكر. بل نزيد عليه أنه لو استمر تخفيف الحجاب يتقدم بالسرعة التي سار بها إلى الآن — والنفوس على ما هي عليه — لعمَّتِ البلوى وازداد الفساد انتشارًا.

غير أن السبب في ذلك ليس هو تخفيف الحجاب، بل هو راجع إلى أمور كثيرة يجمعها الجهل وسوء التربية.

فسوء التربية هو علة الخفة والطيش، وهو الذي يسهِّل على امرأة ذات مكانة في بيتها وقومها أن تطيل نظرها إلى شاب يَمُرُّ في طريقها. وسوء التربية هو الذي يخفف عندها تبعة تحريك يَدِها لإجابة ذلك الشاب فيما يشير به إليها. وسوء التربية هو الذي يدفع بها إلى الاتفاق معه على التلاقي والتواصُل قبل أن يدور كلام بينه وبينها، وإنما

٢٤