صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
‫الجهة الدينية‬

بين الرجل والمرأة؟ أليس الأدب في الحقيقة واحدا بالنسبة للرجال والنساء، وموضوعه الأعمال والمقاصد لا الأشكال والملابس؟

وأما خوف الفتنة الذي نراه يطوف في كل سطر ممَّا يُكتب في هذه المسألة تقريبًا فهو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال، وليس على النساء تقديره ولا هُنَّ مطالَبات بمعرفته. وعلى من يخاف الفتنة من الرجال أن يغض بصره، كما أنه على من يخافها من النساء أن تغض بصرها. والأوامر الواردة في الآية الكريمة موجَّهة إلى كل من الفريقين بغَضِّ البصر على السواء، وفي هذا دلالة على أن المرأة ليست بأولى من الرجل بتغطية وجهها.

عجبًا! لِمَ لَمْ تؤمر الرجال بالتبرقُع وستر وجوههم عن النساء إذا خافوا الفتنة عليهن؟ هل اعتبرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة المرأة واعتُبر الرجل أعجز من المرأة عن ضبط نفسه والحكم على هواه واعتُبرت المرأة أقوى منه في كل ذلك حتى أُبيح للرجال أن يكشفوا وجوههم لأعيُن النساء مهما كان لهم من الحُسن والجمال، ومُنِعَ النساء من كشف وجوههن لأعيُن الرجال منعًا مطلقًا خوف أن ينفلت زمام هوى النفس من سلطة عقل الرجل، فيسقط من الفتنة بأية امرأة تعرَّضَتْ له مهما بلغت من قُبح الصورة وبشاعة الخلق؟ إن زعم زاعم صحة هذا الاعتبار رأينا هذا اعترافًا منه بأن المرأة أكمل استعدادًا من الرجل، فلِمَ توضع حينئذٍ تحت رقِّه في كل حال؟ فإن لم يكن هذا الاعتبار صحيحًا فلِمَ هذا التحكُّم المعروف؟

على أن البرقع والنقاب ممَّا يزيد في خوف الفتنة؛ لأن هذا النقاب الأبيض الرقيق الذي تبدو من ورائه المحاسن وتختفي من خلفه العيوب، والبرقع الذي يختفي تحته طرف الأنف والفم والشدقان ويظهر منه الجبين والحواجب والعيون والخدود والأصداغ وصفحات العنق، هذان الساتران يُعَدَّان في الحقيقة من الزينة التي تَحُثُّ رغبة الناظر وتحمله على اكتشاف قليلٍ خَفِيَ بعد الافتتانِ بكثيرٍ ظهر، ولو أن المرأة كانت مكشوفة الوجه لكان في مجموع خلقها ما يرد — في الغالب — البصرَ عنها.

ليست أسباب الفتنة ما يبدو من أعضاء المرأة الظاهرة، بل من أهم أسبابها ما يصدر عنها من الحركات في أثناء مشيها، وما يبدو من الأفاعيل التي تُرشد عمَّا في نفسها، والنقاب والبرقع من أشد أعوان المرأة على إظهار ما تُظهر وعمل ما تعمل لتحريك الرغبة؛ لأنهما يُخفيان شخصيتها، فلا تخاف أن يعرفها قريب أو بعيد فيقول فلانة أو بنت فلان أو زوجة فلان كانت تفعل كذا. فهي تأتي كل ما تشتهيه من ذلك تحت حماية ذاك البرقع وهذا

١٣