وصب قسطنطين غيظه وبلاءه على الرهبان. فكم عين قلع وكم يد وأذن قطع فضلاً عن قتلهم. واستعرض مرة فئة منهم في ميدان الهيبودروم وأوجب على كل منهم أن يمسك بيد امرأة في أثناء العرض. ثم استعرض في الميدان نفسه عشرين وجيهاً وموظفاً بتهمة التآمر على الفسيلفس واتباع أسطفانوس الجد أو الأصغر. وبعد إهانتهم سمل أعينهم وضرب عنق اثنين منهم. وفي الخامس عشر من تشرين الأول سنة ٧٦٧ أمر بقطع رأس البطريرك قسطنطين الثاني. فنفذ الأمر في الهيبودروم وعرض رأس البطريرك عند مدخل البطريركية وجرت جثته إلى البلاجية مقر المجرمين والكفرة1. وأقام الفسيلفس الخصيّ نيقيطاس بطريركاً على القسطنطينية وبلغ الاضطهاد الذروة فنبشت عظام القديسة الشهيرة أفيمية من مرتيريون خلقيدونية، حيث اجتمع الآباء القديسون في السنة ٤٥١ ليقروا أعمال المجمع المسكوني الرابع، ورميت في البحر فحملتها الأمواج إلى جزيرة لمنوس2. وحرمت الصلاة للقديسين ونبشت قبورهم3. وفي السنة ٧٧٠ جمع ميخائيل لاخانوذراكون حاكم إزمير وإفسس رهبان ولايته وراهباتها وأمرهم بأن يرتدوا الأبيض ويتزوجوا حالاً. ومن لم يطع فتسمل عيناه ويقصى إلى قبرص. فاستشهد بعضهم وأطاع آخرون4. فهنأه قسطنطين قائلاً: لقد وجدت في شخصك رجلاً يحب ما أحب وينفذ جميع رغباتي5. وصادر قسطنطين أملاك الأديرة وضمها إلى أملاك الدولة. وفر عدد كبير من الرهبان إلى إيطالية وجنوبي روسية وشاطئ لبنان وفلسطين. ويقدر الأستاذ أندريف الروسي عدد الذين فروا إلى إيطاليا بخمسين ألفاً6.
أسطفانوس الأصغر: (٧٦٤) وأشهر الشهداء في هذه الفترة من تاريخ الكنيسة الجامعة أسطفانوس الأصغر أو الجديد كما ينص التقليد، وقد سبقت الإشارة إلى مولده وحداثته ودخوله الدير المقدس. وحرص قسطنطين الفسيلفس على استمالته وأوفد إليه كليستوس أحد رجال البلاط. ولكن أسطفانوس رد الرسول والهدايا وصرح أن إكرام الأيقونات صحيح حسن. فغضب قسطنطين وسجنه في دير منفرد. وضيق عليه في المأكل