نظرة في أعمال الحملة
حملت حملة محمد علي الى شبه الجزيرة العربية الفساد، والرشوة، والخراب، والدمار، وأحرقت مدنها وقراها، وقتلت ابناءها ورجالها، وذهبت بكل ما كان فيها من عمران، ونشرت الامراض الخبيثة في ارجائها ، فقد كانت حتى دخولها نظيفة من كثير من الامراض التي لم تكن معروفة بالشرق العربي قبل اختلاطه بالاوربيين كالافرنجي والسيلان وغيرهما.
وفضلاً عن ذلك فقد تألفت الحملة من اسوأ العناصر وأكثرها خسة ودناءة فكان معظم رجالها من الالبانيين والترك، ولا يزالون يتحدثون في الحجاز عن جرائمهم وآثامهم وفظائعهم. اما ضباطها وقوادها فكانوا بالجملة من الترك والالبان والشراكسة.
وكان هنالك عدد كبير من المدفعيين والفنيين الاجانب من غير المسلمين، وقد امعن هؤلاء وهؤلاء في السلب والنهب وارتكاب المظالم والموبقات والفظائع حتى لم يبق مكان في تلك البلاد لم يصبه رشاش مظالمهم.
بدأت مذبحة وانتهت بكارثة
تلك كانت خاتمة حملة محمد علي الى نجد، بدأت بمجزرة القلعة بالقاهرة التي ذبع فيها ٤٦٩ انسان في وقت واحد، وانتهت بتدمير الدرعية، اجمل مدن نجد واكثرها عمراناً وسكاناً، على المنوال الغريب الذي وصفناه، وقد استفظعها الناس كلهم. واذا دلت على شيء فانها تدل بالاضافة الى مجزرة القلعة، على ما ركب في رأس ذلك الطاغية من نهم الى شرب الدم والقتل والتدمير، بما تفرد به دون رجال عصره.
