ولقد كان لهذه الفظائع والمظالم - وهي ليست إلا جزءاً صغيرا مما أجرم واقترف - تأثيرها في نفسه، فاستيقظ ضميره في آخر عمره فارتاع وأضاع عقله وصوابه ودخل في عداد المجانين، وذلك سنة ١٢٤٨، ثم هلك بعد قليل وكذلك جزاء الظالمين.
خرائب الدرعية واطلالها
ومع انقضاء هذه المدة الطويلة نحو ١٤٠ سنة «شعبان ١٣٣٤» على تدمير مدينة الدرعية، عاصمة جزيرة العرب واجمل مدنها واكثرها عمراناً، وبالسكان ازدحاماً، بيد الجيش المصري، فان الحكومة السعودية، لا تزال تمنع ازالة الانقاض والهدم والردم، مبقية عليه كما تركه المصريون وتاركة كل قديم على قدمه.
ولقد زار كاتب هذه السطور الدرعية، ولا تبعد عن الرياض العاصمة في الوقت الحاضر أكثر من ٢٥ كيلومتراً وهي في شمالها، وبينهما طريق معبدة مرصوفة، ووقف على اطلالها وشاهد ابنتها المدمرة وقصورها الحربة ومساجدها المنهارة، وشوارعها المقفرة، فآلمه ما رآه من مشاهد مؤذية مزعجة.
ومدينة الدرعية مبنية على الضفة الغربية لوادي حنيفة، وعلى جانبها الآخر الضفة الشرقية، ويفصل بينها الوادي - تقوم جبانة الرياض القديمة، وفيها ضريح الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس دعوة الاصلاح الديني ورائدها، وقبره معروف هناك، ولا يختلف في شيء عن القبور العادية الكثيرة، ومكانه في أقصى الطرف الشمالي للجبانة، وسألت عن قبور الأئمة من آل سعود، وهم يرقدون هناك فلم أجد من يعرفها، أو يرشد اليها.