يوم ووقت، وكانوا يتضاربون من داخلها بالبنادق والسيوف. وكانت المدفعية المصرية تواصل صب قنايلها دون توقف فتلهب الجو. وصبر الدرعيون وثبتوا وقاتلوا اعداءهم حتى ملأوا فجاج الأرض من جنتهم. وكانوا أحياناً يحملون عليهم، والمصريون يحملون ايضاً. وكان الباشا يتقدم المهاجمين، سائقاً رجاله امامه، وكان المصريون يعوضون خسائرهم من القتلى بمن يستحضرونه من الخارج فاذا خسروا ألفاً جاؤوا بألفين، وكانت الامدادات تردهم من مصر اسبوعياً وبدون انقطاع، وكانت قوافل الطعام والزاد والسلاح ترد على الدوام.
وازدادت ضائقة اهل الدرعية، بسبب طول زمن الحصار وامتداد القتال وقد استمرت نحو سنة أشهر، فقدوا خلالها كل ما كان مدخراً لديهم، كما ان عدد المقتنين منهم كان يتناقص تدريجاً لعدم وجود موارد، على أن ذلك لم يحل بينهم وبين الاستمرار في القتال.
ولما طال زمن الحرب بعث الباشا خيلاً إلى (عرقه) القرية المعروفة في أسفل الدرعية، فاستولوا عليها وأشعلوا فيها النار.
واستمرت المعارك دون انقطاع.
واقترح بعض ابناء نجد من الذين انضموا إلى الباشا ومشوا في ركابه — اقترحوا عليه ان يبعث إلى أهل البلاد النجدية التي دخلت في طاعته، فيأخذ من كل منها رجالاً يقاتلون معه، وقالوا أن ذلك اضمن للنجاح والفوز، فالنجدي يعرف كيف يقاتل النجدي، فأخذ باقتراحهم وجند كثيرين من أبناء نجد اشتركوا في القتال.
وأصابت قنبة مستودع الذخيرة المصري فانفجر، فأحدث انفجاره دوياً هائلا وأهلك خيلا ورجالاً، وأحرق خياماً، فتفرق المصريون في رؤوس الجبال خوفاً وهلعاً، فأرسل الباشا بطلب امدادات وأسلحة بدل ما فقد، فجاءه ما طلب من نواحي نجد ثم من مصر، وتواردت عليه القوافل من البصرة والزبير. وانضم اليه النجديون الذين اجلاهم آل سعود عن بلادهم، وكثرت لديه الوقود