صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

مستعبدين لتركيا. وقُتل أو نُفي كثيرون من الأدباء

على أن هذه الحالة الحرجة لم تقتل الآداب العربية تماما وقد ذكرت مجلة المشرق (18 (1920) : 481 - 486) مطبوعات قليلة صدرت في أيام الحرب أخصها كتاب لبنان الذي عنينا بنشره مع بعض أهل العلم الاختصاصيين (المشرق 18: 73 - 74) . ونشر في دمشق جناب السيد كرد علي في مجلة المقتبس آثارا عربية قديمة وكذلك الشيخ عبد القادر بدران نشر جزأين من تاريخ دمشق لأبن عساكر

أما مصر فلم تخمد فيها الحركة الفكرية في تلك السنين الصعبة فاستفادت الآداب العربية مما نشر فيها من التآليف الجليلة القديمة كصبح الأعشى للقلقشندي في عدة أجزاء والخصائص لابن جني وديوان ابن الدمينة والمكافأة لابن الداية والاعتصام للشاطبي وكتاب الأصنام لابن الكلبي. ولدار الكتب الخديوية في هذه المطبوعات فضل كبير. ونشر أدباء الأقباط خطبا وميامر بيعية لأبن العسال ولأبن البركات ابن كبر

ومن التآليف المستحدثة المنشورة في ذلك الوقت تاريخ سينا القديم والحديث لنعوم بك شقير وديوان حليم حلمي المصري وكتاب سياحتي إلى الحجاز وتاريخ الآداب العربية لأحد أخوة المدارس المسيحية وكتب أخرى وقفنا عليها فوصفناها في مقالتنا (الآداب العربية منذ نشوب الحرب العمومية) وذكرنا أيضا هناك بعض المطبوعات الشرقية التي تولى نشرها المستشرقون (راجع المشرق 18 (1920) : 487 - 494)

وفي خريف السنة 1918 انقشعت عن ساحات الحرب تلك الظلمات بانتصار الدول المتحالفة فأتى وقت الإصلاح وليس الإصلاح كالخراب فأنه لا يتم إلا بزمن طويل ونفقات باهظة ورجال ذوي همة قسعاء على أن دولتي فرنسة وإنكلترا فوض إليهما الانتداب على البلاد العربية لم تضنا بأموالهما وتنشيطهما

على الاهلين ليسدوا تلك الثلمة الواسعة ويردوا للبلاد شرفها السابق. وكان كثيرون من الناشئة قد صدئت أقلامهم وفشلت قواهم لكسود سوق الآداب فنهضوا بهمة جديدة لخدمة مواطنيهم فمنهم من تولى التدريس في المدارس العمومية ومنهم من فتح المطابع الجديدة وأنشأ المجلات والجرائد حتى بلغت بعد حين عددا لم تبلغه في الأزمنة السابقة للحرب ويا ليتها كلُّها كانت صادقة الخدمة