صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/142

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

واليوم صار السباق (لأميركة الشمالية) فإن كثرة المهاجرين إليها دعت أدبائها هناك إلى العناية بحفظ لغتهم ونشر آدابها بين مواطنيهم المستوطنين في أنحائها. وهذه الحركة تلوح خصوصا في عاصمتها نيويورك فجرائدها الهدى والشعب والسائح والنسر السوري (في بروكلين) والمجلة التجارية السورية تكاد تجاري بعض الجرائد الوطنية. وفي ديترويد جريدة الصباح. وقد طبع في أمريكا الشمالية عدة مطبوعات دينية وأدبية وعلمية متقنة الطبع

على أننا نرتاب في ثبات اللغة العربية سالمة في أميركة لأن المهاجرين إذا استوطنوا تلك البلاد يمتزجون بأهلها امتزاج الماء بالراح فسوف ينسون لغتهم الأصلية كما جرى لكثيرين ثم يتأمرك أولادهم

وفي (أميركا الوسطى) جريدة الرفيق في مكسيكو وإن أطلقنا رائد البصر على (أفريقية) وجدنا نصيب الآداب العربية زهيدا خارجا عن مصر إلا أن فرنسا سعت في تعزيز اللغة العربية بين مستعمراتها الشمالية ففتحت المدارس لتعليم الوطنيين في الجزائر ووهران وفي تونس. ولا تخلو عاصمة مراكش من مدارس وجرائد. وفي رباط جريدة السعادة. وفي طرابلس الغرب مطبعة ومدرسة عربيتان. وكذلك في زنجبار. على أن أخبار تلك الجهات منقطعة عنا فنجهل غالبا حركة آدابها

أما (أوربة) فأن الفضل في خدمة الآداب العربية فيها عائد إلى المستشرقين وخصوصا اللذين تنفق عليهم دولهم الكريمة المبالغ الطائلة في جامعاتها الكبرى فتخصص لدرس العربية بعض علمائها. ففي باريس ورومية وبرلين ولندن ومدريد وفينة ولينينغراد معاهد لدرس اللغات الشرقية وفي مقدمتها اللغة العربية. وكذلك في جامعات العواصم المذكورة وغيرها كبوردو في فرنسة وليدن في هولندة وكوبنهاغ في دنيمارك وبون وليبسيك وغوطا وغوتنجن وهيدلبرغ وهمبورغ ومونيخ في ألمانيا أساتذة لتعليم اللغة العربية. وفي كل هذه المدن خزائن كتب عربية مخطوطة يستخرجون منها كنوز أدبية ينشرونها بعد مقابلتها على نسخ مختلفة وربما أضافوا إليها ترجمتها إلى لغاتهم ويصدرونها بالمقدمات الواسعة ويعلقون عليها الحواشي التاريخية واللغوية ويختمونها بالفهارس الجليلة تسهيلا لإجتناء فوائدها