صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/121

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

البستاني والمعلم بطرس منشئ المدرسة الوطنية وما لبث أن نبغ في علومه حتى رأى نفسه قديرا على التأليف فأشتغل مع أنسابه في صحفهم ودائرة معارفهم. ثم ساح في البلاد فطاف العراق وجزيرة العرب جنوبا وشمالا وأجتمع بقبائل البادية فدرس الأخلاق ووسع نطاق معارفه وهو يشتغل تارة بالتجارة وتارة بالتعليم ويدون ملحوظاته فينشرها بالمجلات أو يحفظها لتآليف ينوي تصنيفها. وتردد بعد ذلك إلى مصر والأستانة فتقرب من إشرافهما ونال امتيازات الدولة العثمانية ومناصبها الشريفة كمندوب مجلس المبعوثان وعضو مجلس الأعيان ووزير وممثل للسلطنة في البلاد. وتجول في أنحاء أوربة وهو في كل مكان موضوع اعتبار الجميع لما تجلى به من الأخلاق الراقية والآراء الراجحة وروح الدين حتى أنهى حياته في أميركا بعد أن اشتدت عليه وطأة المرض في مصر وتألم من داء عينيه فالتمس الشفاء في الولايات المتحدة. وقد نشر الأديب فؤاد أفندي أفرام البستاني ترجمته المطولة في المشرق (٢٣ (١٩٢٥) : ٧٧٨؛ ٨٢٤؛ ٩٠٨) . أما تآليفه التي خدم بها الآداب العربية فلا يجهلها أحد وأعظمها شأنا ترجمته لإلياذة هوميرس بالشعر العربي المتين (١) وقدم عليها درسا جليلا في تعريفها وفي الشعر العربي وآدابه. ومن آثاره كتابه عبرة وذكرى وصف فيه أحوال الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده. وله متفرقات شتى كمقالات في المجلات والجرائد وكقصيدته الداء والشفاء وبحثه في الاختزال ومخطوطات تاريخية نتمنى أن ينشرها أنسباؤه.

وفي ٨ آب ١٩٢٥ توفي (الدكتور سليم بك عطية) ولد في صافيتا سنة ١٨٧٣ وتخرج في الكلية الأميركية في بيروت ودرس فيها الطب وأكمل دروسه في جامعة بلتيمور في الولايات المتحدة ثم انتظم في سلك الجيش المصري لما فتحت بلاد السودان فخدم الحكومتين المصرية والبريطانية وتولى هناك إدارة المستشفيات العسكرية بكل نشاط وحسن تدبير. وكان في أثناء عمله يكتب المقالات المستجادة عما يلحظه في تلك البلاد فتنشر في المجلات الأجنبية. وكان يحسن الكتابة في لغته الوطنية نثرا ونظما وتروى له عدة قصائد صنف بعضها بالشعر العامي بكل سلامة ذوق وفي أوائل ذاك الشهر من السنة عينها نشبت المنون أحد أدباء الروم الأورثذكس في الثغر (وديع أبو رزق) كان كتبا ضليعا حرر في الجرائد الوطنية نثرا ونظما