صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/12

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الوسطى والخطة المثلى فقام غيرهم يردون عليهم ويثبتون صواب تلك التعابير. فبقيت هذه المناقشات عقيمة إذ لم يوجد مجمع علمي يقضي بين المتناقشين فيفرز بين الغث والسمين وينقي الباطل ويقرر الحق المبين.

وقد أخذت النهضة الأدبية في بدء القرن العشرين تتصل أيضا بالجنس اللطيف فإن فئة من السيدات حاولن كتابة فصول أدبية شعرية ونثرية في الجرائد السيارة في أواخر القرن التاسع عشر كمريانا مراش ووردة اليازجي ووردة الترك بيد أننا لم نطلع على جريدة أو مجلة نلن لها الامتياز باسمهن قبل القرن العشرين غير مجلة الفتاة التي ظهرت في مصر في ٢٠ نوفمبر من السنة ١٨٩٢ لصاحبة امتيازها هند نوفل ثم مجلة مرآة الحسناء للسيدة مريم مزهر كان أول صدورها في مصر سنة ١٨٩٦ ثم مجلة أنيس الجليس لألكسندرا أفيرينوه ظهر أول عددها في الإسكندرية في غاية كانون الثاني من السنة ١٨٩٨. وتبتعها قي الحقبة التي نحن بصددها مجلة السيدات والبنات للسيدة ماري فرح نشرتها أيضا في الإسكندرية في أول أبريل من السنة ١٩٠٣ ثم فتاة الشرق للسيدة لبيبة هاشم سنة ١٩٠٦ في مصر وهي لا تزال ثابتة إلى الآن.

ومما ساعد القرن العشرين في ترقية في الآداب ظهور بعض النوابغ الذين تكاتفوا وتناصروا لرفع منار العلوم سبقوا عهده ببضعة أعوام أو وافقوا طلوع هلاله فكان لهم في نهضته فضل مشكور. وسنأتي على ذكرهم في أثناء المقالة.

أما الآداب العربية في أوربة فكانت في أوائل القرن العشرين ثابتة على سيرها الحثيث بهمة جمعياتها ومدارسها الشرقية. فإن عدد المستشرقين كان يزيد يوما بعد آخر وكان الباحثون منهم يطلعون كل يوم على كنوز أدبية جديدة في البلاد التي يتصل إليها النفوذ الأوربي كتونس ومراكش وبعض جهات الهند والسودان. فنشروا منها قسما كبيرا في حواضرهم. وجاراهم علماء الشرق فأبرزوا إلى عالم الوجود مخطوطات عديدة كانت مطمورة في زوايا النسيان. وكفى دليلا على ذلك لوائح عديدة كانت تطلع القراء مرارا في السنة على ما ينشر منها بالطبع. كتعريف المطبوعات الشرقية في برلين ولائحة مطبوعات الشرق في لندن وهناك الأعداد الضافية الدالة على تلك الحركة العلمية وها نحن نتبع في تاريخ هذه الحقبة الأولى سياق كتابنا (تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر) فنذكر أولا أدباء النصارى والمستشرقين.