صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/97

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢١١
الفصل الرابع عشر: الجلاء

الحكم ومغادرة البلاد وطلب أن يختار محلاً لإقامته خارج بر الشام ومصر وفرنسة فانتقى جزيرة مالطة ولذا لُقِّب بالمالطي. ثم أرسل حفيده محموداً يسأل الوزير أمراً يمنع التعدي على أرزاقه وذويه فأعطي له وأرجع بولده وحفيده إلى صيدا. ولما بلغها استدعى إليه ولده خليلاً وحفيده داود وأبقاهما في المركب وخرج هو المدينة يتأهب للسفر. وبعد خمسة أيام عاد إلى المركب مصحباً معه زوجته وأولاده وزوجة ولده الأمير قاسم وحفـدته الخمسة أولاد الأمير خليل وحفيده الأمير رشيد قاسم (وكان أمين ومحمود لا يزالان في المركب) ومدیر أموره بطرس كرامة وحوالي سبعين رجلاً من خدامه بينهم مؤرخه فيما بعد رستم باز1.

وكان بشير الثالث قد اتخذ من الشوير قاعدة لأعماله الحربية في المتن بعد القاطع فاحتفل فيها بانتصاره على إبراهيم باشا وقام الشويريون بقسط وافر من أعمال الفرح فقرعوا أجراس الكنائس والأديار وحرقوا البارود وتباروا بالسيف والترس واشتركت الشويريات في ذلك كله وأنشدن:

يا مير بشير وفرّع الشقطية
واضرب بسيفك ولا تقول خطيّة
باعت السلطان يقول يا قوي القلب
اضرب واقتل وعلّي المشنقة عالدرب

ثم قام الأمير من الشوير إلى حمانا وجمع المناصب إليه وطلب إليهم أن يكتبوا صك اتفاق فيما بينهم وكانوا بمن معهم ألفاً وخمس مئة رجل فنفروا منه لأنه لم يبلغ أحـداً منهم مأثوره ولأنه جعل أخصَّاءه من أقاربه واتخذ من الخواجه فرنسيس مسك البيروتي مدبراً له. فشق ذلك عليهم ولا سيما أولئك الذين جرت العادة أن يكون المدبر منهم منذ فخر الدين حتى بشير. وطلب الأمير الجديد إلى الوزير العثماني أن يرسل عسكراً إلى حمانا للمحافظة من إبراهيم باشا فأبى. وفر في هذه الآونة مجيد حفيد الشهابي الكبير من المعسكر المصري في بعلبك وقصد صيدا فوقع في يد بشير الثالث في حمانا فسيّره هذا إلى بيروت فطيب محمد عزت باشا قلبه وبعث به إلى مالطة2.


  1. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١٠ – ٦١١ راجع أيضاً حروب إبراهيم باشا المصري للقس أنطون الحلبي ج ٢ ص ٦٣-٦٤ تجد أسماء عدد كبير من أفراد الحاشية الذين رافقوه إلى منفاه وليس في المراجع الفرنجية المنشورة ما يزيدك تفصيلاً أو يخالف ما ورد أعلاه بمخالفة ذات شأن.
  2. أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١١-٦١٢