وبدأت المعركة قبل وصوله إلى ضهور الشوير، وما أن سمع الكومودور صوت الطلقات النارية في مؤخرة إبراهيم باشا - نار عمر بك النمساوي – في الساعة الثانية من بعد ظهر العاشر من تشرين الأول حتى بدأ بالهجوم الوجهي، فناوشت كتية من كتائب الكومودور ميسرة المصريين ثم تقدم الأتراك للهجوم بقيادة محمد سليم باشا والجنرال يوقموس الألماني وتسلقوا الأكمة التي كان يحتلها المصريون ولما بلغوا قمتها وواجهوا جنود إبراهيم انقطع هؤلاء عن إطلاق الرصاص وألقوا سلاحهم مستسلمين، ثم تقدم الأتراك وأعوانهم نحو الصف الثاني فاستقبلوا بادئ ذي بدء استقبالاً حامياً ولكن بعد نصف ساعة أدبر المصريون تاركين عتاداً كثيراً وست مئة أسير، وفصل الظلام بين المتحاربين فانهزم إبراهيم باشا بمن بقي من رجاله إلى قرنايل فالبقاع. وكان إبراهيم فيما يظهر يتوقع هجوماً من قبل الحلفاء فانتقى ميدان القتال بنفسه وطلب معونة من بيروت ومن زحلة ولكن حركة بشير الثالث الالتفافية حالت دون وصول أية معونة من زحلة واحتلال برمانا وتلالها قضى على أية إمكانية من ناحية بيروت1.
ورجحت كفة الخلفاء وانتهت المهلة المعطاة للشهابي الكبير ونودي بنسيبه بشير الثالث على لبنان فرأى أن يستفيد مما عرضه الحلفاء عليه ومضى في رأيه فاستدعى أولاده وأحفاده وجمع أوراقه وأمواله وعقد ضميره على النزول إلى صيدا للاستسلام. ووافق هذا كله وجود حنا بحري بك إلى جانبه ففاتحه هذا كلاماً في هذا الموضوع مخافتاً فأجابه الشهابي الكبير «قل لباشتك، البلاد أصبحت كلها صوتاً واحداً فلا فائدة من المقاومة». فقام بحري بك من بتدين إلى عين زحلتا والتقى فيها بالسرعسكر المصري فأخبره بما جرى وعادا معاً إلى البقاع2. ونهض الأمير الكبير بمن معه من بتدين إلى صيدا في الحادي عشر من تشرين الأول ولدى وصوله إلى جسر الأولي في خارجها أعلم المتسلم خالد باشا بحضوره فهب لاستقباله عند الجسر. وفي اليوم التالي دخل الأمير إلى صيدا بموكب حكومي شعبي عظيم. ثم قام من صيدا إلى بيروت على ظهر مركب بخاري إنكليزي لمواجهة الأميرال فاستقبله هذا بما لاق من الإكرام والاحترام ولكنه أعلمه أن لا مفر من التنازل عن