وبعد أن احتل الحلفاء صيدا كما تقدم ذكره وفعل اللبنانيون ما فعلوا بمؤخرة جيش عثمان باشا بين ميروبا وبين صنين رأت قيادة الحلفاء أن يصار إلى احتلال بيروت من البر والبحر. فقام جنود الحلفاء وأنصارهم اللبنانيون من جونية وكسروان إلى مقاطعة القاطع وقصف الأسطول البريطاني في الوقت نفسه التاسع من تشرين الأول مدينة بيروت. فرأى سليان باشا الفرنساوي في تقدم الحلفاء إلى القاطع حركة التفاف خطرة فنهض من الحازمية بجوار بيروت ليلاً وترك خياماً ومؤونة وعلايف وأمتعة كثيرة ومهات عسكرية ومرضى وسری بمن معه متجهاً نحو البقاع. فنهب أهل الساحل معسكر الحازمية ولحق مجاورو طريق الشام أواخر عسكره فنهبوا ما وصلت إليه يدهم. وفي اليوم التالي أي في العاشر من تشرين الأول وبعد شهر من الحصار البحري والقصف المتقطع استسلمت حامية بيروت على يد الأميرالاي عمر بك فدخلهـا الأميرال منتصراً آسراً رجال حاميتها كاسباً علماً مصرياً فاخر به فيما بعد مفاخرة شديدة. وأصبح لدى الحلفاء مرفأ بحري هام يلجأون إليه عند الحاجة وينزلون به شتى العتاد1.
موقعة بحرصاف: وتولى الكومودور قيادة القوى الزاحفة من مقاطعة كسروان إلى مقاطعة القاطع ونزل بها إلى قعر وادي نهر الكلب ثم صعد إلى قرية عين عار فقرنة شهوان. وما أن استقر به المقام في الثامن من تشرين الأول حتى أدرك أن قوى العدو قريبة جداً وأن السرعسكر المصري نفسه يقودها متخذاً من درجة بحرصاف بصخورها ووعورتها وارتفاعها الفجائي نقطة دفاع في وجه الخلفاء. فأبقى الكومودور أربعة أفواج من جنود الأتراك وما يقارب من الفوج عـداً من بحارته وبعض اللبنانيين وعدداً من الأسرى المصريين في قرنة شهوان بإمرته وتحت تصرفه. ثم أرسل الأمير بشير قاسم (الثالث) برجاله إلى برمانا فبعبدات ليقوموا بحركة التفاف أخرى حول ميسرة السرعسكر المصري. وأمر عمر بك النمساوي أن ينزل من عجلتون بفوجيه إلى أسفل وادي نهر الكلب ويصعد منها إلى بيت شباب فبكفيا في حركة التفاف أخرى حول ميمنة السرعسكر نفسه. فقام النمساوي بمهمته خبر قيام وساعده الحظ في أن أحداً من المصريين لم يتصد له وهو في أسفل الوادي ووصل إلى مؤخرة إبراهيم باشا في الوقت المحدد له. ولكن بشيراً الثالث كان عليه أن يقطع مسافة أطول وأصيب بالحمى في أثناء الطريق فتأخر عن الوصول في الوقت الملائم
- ↑ إنكلترة والقرم للدكتور هارولد تمبرلي ص ١٢٤ وأخبار الاعيان للشيخ طنوس الشدياق ص ٦١٠ - ٦۱۱
بشير بين السلطان والعزيز ج ۲-۷