صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٠٨
بشير بين السلطان والعزيز

بشير الثالث حاكماً محله. ونادى محمد عزت باشا ببشير الثالث حاكماً في التاسع من تشرين الأول وقام المستر ريتشارد وود والسر بولدوين ووكر يحملان فرمان الولاية واتصلا به في صفوف القتال معرضين نفسيها للخطر إذ اضطرا أن يقطعا خطوط المصريين ذهاباً وإياباً1. وقام هو يعلن تعيينه حسب العادة فحرر بذلك إلى الوجوه والأعيان. ومما قاله إلى البطريرك الماروني أنه «تشرف بورود فرمان جليل الشأن من طرف حضرة مولاه السلطان نصره العزيز الرحمن بتعينه والياً وأنه مرسل نسخة طبق الأصل ليشهرها البطريرك ويعممها على المطارنة ليكونوا بذلك مسرورين ولينبهوا على كافة رعاياهم لينالوا الراحة المديدة حيث قد اتضح لدى الجميع رفع المظالم عن الرعايا وحصل العمل بذلك في المحلات التي ولاتها بقيد الإطاعة»2. ومما يلفت النظر في هذا الفرمان السلطاني أن إمارة لبنان هي «إمارة جبل الدروز» وأن الفرمان موجه إلى بشير القاسم وإلى «مفاخر الأماجد والأعيان مشايخ قبائل الدروز» فقط ولا ذكر لغيرهم وأن الأمير نُصب «أميراً على قبائل الدروز»3.

وأراد رجال الدين من الموارنة أن يستغلوا الموقف فتقدموا من السلطات العثمانية مطالبين بالامتيازات نفسها التي تمتع بها رجال الدين من الروم الأرثوذكس منـذ فتح القسطنطينية فقالوا بوجوب الاعتراف بسلطة البطريرك الماروني وبعـدم سماع الدعاوى عليه خارج دیوان شیخ الإسلام ووجوب إعفائه «من الأثقال والحوادث الأميرية والرسوم الجمركية والسخرة والخراج» والسماح له والمطارنة بركوب الخيول المسروجة وارتداء الملابس المعينة لكل منهم وحمل العكاز وسائر شارات السلطة الروحية وبالإقامة في المدن والجزر كل في مقر أبرشيته. وقالوا أيضاً بحق البطريرك في تنصيب القضاة من طائفته لفصل دعاوی الشعب والإكليروس بموجب «الشريعة السلطانية» في الأشياء التي لا تخالف «رسوم ديانتهم» وأن تقوم وصية رجال الدين دون تدخل الحكام أو بيت المال. ومما جاء في هذه الوثيقة الثمينة ألا يكون الحاكم على لبنان و«أنطيلبنان» أي لبنـان الشرقي إلا مارونياً شهابياً وأن يكون تنصيبه من قبل الباب الهمايوني العالي «بدون توسط» وأن يكون لديه ديوان شورى لإدارة أحوال الجبل وأن تبقى الأموال الأميرية والخراجية وجزية الرأس مالاً واحداً وجزية واحدة4.


  1. تقرير وود إلى الخارجية البريطانية – إنكلترة والقرم للدكتور هارولد تمبرلي ص ٤٨٣
  2. كتابنا الأصول ج٥ ص ۱۸۸ -۱۸۹
  3. المرجع نفسه ج٥ ص ۱۷۲-۱۷۹
  4. کتابنا الأصول ج٥ ص ۲۰۸-۲۱۱