صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٢٣
الفصل السابع: الاضطرابات والفلائل

وكان الألاي التاسع عشر قد قام من دمشق ملبياً نداء القيادة ومتجهاً نحو يافة فالقدس ولدى وصوله إلى مرج ابن عامر في منتصف حزيران تصدى له الثوار بالقرب من زيتون فشتتوا شمله وجرحوا قائده مصطفى بك ولم يصل منه إلى حيفا أكثر من ثلاث مئة نفر من مجموع قدره ألف ومئتا رجل1. فعمت الثورة البلاد بأسرها من صفد حتى غزة، وكتب جرمانوس بحري من يافة إلى سامي بك يقول: «الأمور عمال كل يوم تتجسم وجميع أهالي القرايا إلى حد بوابة يافة أظهروا العصاوة»2.

وكتب العزيز في السابع عشر من الشهر نفسه إلى ابنه يحيط علماً بوصوله إلى القدس ويفيد أنه أصدر الأوامر اللازمة لإعداد النجدة المطلوبة وإرسالها بسرعة ثم يشعر بعزمه على مرافقة هذه النجدة ويأمل الوصول إلى يافة في ظرف ستة أيام. وعاد إلى الكتابة في اليوم التالي طالباً إلى السرعسكر أن يبقى في محله ريثما يلتقيان ويدرسان الموقف معاً3. ورأى السرعسكر أن يتولى سليم باشا قيادة القوة المقاومة من مصر وأن يقوم بها وبأورطتي الفرسان الباقيتين في يافة وثلاثة مدافع إلى قرى الشيخ قاسم الأحمد في جبل نابلس وأن يقوم خفتان آغاسي بمن معه من فرسان العرب إلى جنين للاتصال بسليم باشا4. وكان الشيخ قاسم هذا قد استمال جميع أهالي جبل نابلس إلى جانبه فزحف بهم على القدس. وما أن وصل بمجموعه إلى قرية لفته حتى تصدى له السرعسكر بألفين من عساكره ومدافع أربعة فانتصر عليه وشتت شمله، ثم صده ثانية عند دير مار إلياس طريق بيت لحم ثانية وثالثة عند عين سلوان. ولكنه لم ير بداً من المفاوضة نظراً لقلة الذخيرة لديه فقبل توسط «الرهبان والأفندية» ورفع الفردة وأوقف التجنيد ولكنه اشترط احتلال القلعة وتقديم مئة وخمسين غرارة من القمح لها فوافق الثوار على ذلك ومثل الشيخ قاسم بين يديه فعينه «حاكماً على البلاد» وانتهى الحصار5 وكان ذلك في السادس والعشرين من حزيران.

وفي مطلع تموز من السنة نفسها وصل العزيز إلى يافة على رأس نجدة قوية فكتب


  1. المحفوظات ج۲ ص ٤۰۸
  2. المحفوظات أيضاً ج٢ ص ٤٠٧
  3. المحفوظات كذلك ج۲ ص ٤٠٧
  4. علي بك وقوجه أحمد آغا وفرهاد بك إلى محمد علي باشا ١١ صفر سنة ۱۲٥۰ (۲۰ حزیران سنة ١٨٣٤): المحفوظات ج ٢ ص ٤٠٩
  5. المذكرات التاريخية المشار إليها ص۱۰۷-۱۰۸ راجع أيضاً حروب إبراهيم باشا المصري للقس أنطون الحلبي ج ١ ص ٤٠-٤١ والمحفوظات ج ۲ ص ٤١١ و٤١٥ - ٤١٦