صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٢٤
بشير بين السلطان والعزيز

إلى ابنه يستدعيه إليه وطلب إلى أمير لبنان بشير الثاني أن يحضر إلى يافة للتداول معه بشؤون فلسطين فهب السرعكر للقاء والده وأوفد أمير لبنان نجله الأمير أمين إلى يافة للمثول بين يدي العزيز معلناً أنه بعد التداول مع اللواء بحري بك (يوحنا بحري) رأى أن المصلحة تقضي ببقائه في لبنان «للمحافظة والملاحظة» وأنه على كل حال مستعد متأهب «للثم الأذيال»1. ولدى وصول الأمير أمين إلى يافة وتشرفه بالمثول بين يدي الحضرة الخديوية اجتمع به في خلوة زهاء ساعتين أو أكثر ثم عاد إلى والده يوجب الزحف على صفد لإخماد الفتنة فيها2. وكان قد سبق لأعيان هذه البلدة أن اتصلوا بالأمير خليل الشهابي أخي الأمير أمين وذلك في التاسع عشر من حزيران «متوكلين على من التحريك والتسكين بيده» معلنين قيامهم على الحكومة المصرية راجين «جواباً شافياً»3. فرج الشهابي الكبير والد الأمير خليل حامل هذه الرسالة في السحن ورد عليها بالتهديد والوعيد4. وبعد أن عاد ابنه الأمير أمين إليه قام إلى جسر القعقعية ببضعة آلاف مقاتل لبناني ودعا الصفديين للطاعة فأوفدوا الشيخ صالح الترشيحي إليه يفاوضه وخلـدوا إلى السكينة فأرسل الأمير اللبناني قوة إلى صفد لاحتلالها وعين محافظاً عليها وفعل مثل ذلك لجميع قرى الشاغور والجبل وساحل عكة وألقي القبض على اثنين وعشرين من وجوه صفد الذين «كانوا مبدأ الشقاوة والفساد ووضعهم بالسجن وطالبهم بما سلبوه من أموال اليهود». وأرسل أيضاً نحواً من عشرين نفراً من أهالي الشاغور والجميل والساحل إلى سجن عكة. ثم مثل بين يديه وجوه طبرية مقدمين الطاعة والخضوع فأرسل قوة إلى بلدتهم وعين محافظاً عليها. وكتب إلى الحضرة الخديوية في الخامس والعشرين من تموز ينبئه «بانقطاع دابر الفساد ودخول الرعب والإرهاب إلى قلوب الجميع من رضيع ووضيع»5.

ولما عاد قاسم الأحمد وجماعته إلى نابلس بعد الاتفاق الذي تم بينهم وبين إبراهيم باشا في القدس اغتروا بما أصابهم من نصر وظنوا أن السرعسكر لن يقوى عليهم فامتنعوا عن تقديم القمح المتفق عليه وطردوا عمال السرعسكر الذين أرسلوا لجمعه قائلين أنه ليس لديهم سوى


  1. المحفوظات ج ۳ ص ٤١٤ و٤١٩
  2. اطلب التفاصيل في كتابنا الثورة بفلسطين ص ٦٨-٦٩
  3. المرجع نفسه ص ٥٤-٥٥
  4. المحفوظات ج ۲ ص ٤۱۱
  5. المحفوظات ج٢ ص ٤٣٠. حروب إبراهيم باشا المصري ج ١ ص ٤١ و٤٥ الثورة بفلسطين ص ۷٥-۷٦