صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/8

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٢٢
بشير بين السلطان والعزيز

نفسها وردت رسالة ثانية من اللواء إبراهيم بك قائد الألاي المرابط في القدس تفيد أن الفلاحين تجمعوا في قرية البيرة وتوجهوا منها إلى قرية العنب (قرية أبي غوش) لحصر حامية القدس ومنع المدد عنها من یافة مقر السرعسكر. وأشار اللواء أيضاً إلى تجمع الفلاحين في قرية الشيخ بدر وهجوم ابن سمحان وابن أبي غوش وبني حسن على مواشي القدس في محلة باب العمود ورجا السرعسكر أن يوافيه بقوة من الفرسان لمطاردة الثوار وتعقبهم. وكان إبراهيم باشا قد شعر بهذا النقص فأمر القائممقام يعقوب آغا أن يقوم بألاي الفرسان الثاني عشر من الرملة في الساحل إلى القدس ففعل. ولكن لدى وصوله إلى باب الواد - طريق يافة القدس - هب لصده وقتاله جمهور من الفلاحين كانوا قد اختبأوا خلف صخور هذا الوادي ووراء أشجاره. فجرت بين الفريقين معركة بين قرية سريس وقرية عين شمس أسفرت عن تراجع المصريين إلى الرملة بعد أن ضلوا الطريق تاركين قسماً من خيولهم وعدداً من القتلى والجرحى فاستغنى السرعسكر عن خدمات يعقوب آغا في بر الشام وأمره بالعودة إلى مصر. وكتب إلى والده بما جرى طالباً المدد ولا سيما ألاي الغارديا الثاني. وكان قد استقدم إليه ألايي المشاة الثامن والتاسع عشر1.

وفي الرابع من حزيران عاد فكتب السرعسكر من يافة إلى والده يشير إلى القلق الذي ساور الحضرة الخديوية من جراء حوادث فلسطين ويؤكد أن ما جرى هو لمجرد التخلص من التجنيد وأن جبل القدس مخرقة بالية لا أهمية له وأن الداعي لتأخره عن ضرب الأشقياء قلة المياه في معاقلهم وقلة الزمزميات لدى العساكر وإنه أمر بإعداد الزمزميات اللازمة ولدى اكتمالها سيقضي على الفتنة في وقت قصير، ثم قام بعد يومين لمطاردة الثوار متجهاً نحو القدس وسالكاً الطريق نفسها التي سلكها يعقوب آغا من قبله. فشق طريقه رغم مقاومة الثوار العنيفة في محلات ثلاثة مسقطاً منهم حوالي سبع مئة ووصل إلى القدس منتصراً مصمماً أن يقوم منها إلى جبل الخليل2. وما أن دخل القدس بعد يومين من قيامه من يافة حتى شعر بنقص في المياه و«الميرة» فيها وبحاجة إلى الرجال والذخيرة. ثم فاجأه ناصر المنصور ورجاله بوصولهم إلى قرية شعفاط فخرج السرعسكر لصدهم وتغلب عليهم مسقطاً منهم خمس مئة وطارد ثوار الخليل فأسقط منهم في بيت جالا وبيت لحم ثمانين نفراً3.


  1. المحفوظات نفسها ج ۲ ص ۳۹۹ و٤٠٠ و٤٠٢
  2. المحفوظات ج ٢ ص ٤٠٢ و٤٠٤ – ٤٠٥ اطلب أيضاً كتاب المذكرات التاريخية للخوري قسطنطين الباشا ص ۱۰۱-۱۰۲
  3. المحفوظات ج٢ ص ٤٠٤-٤٠٦