صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/83

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٩٧
الفصل الرابع عشر: الجلاء

في الخامس من آب سنة ١٨٤٠ يقول: لقد ظهر مرة أخرى من كتاب الدكتور بورنغ أن برلمان لندن أصدر قراراً في مسألتنا كما سبق لكم أن علمتم ذلك من كتابنا المؤرخ في غرة جمادى الآخرة – ٣١ تموز - لقد ظهرنا بمظهر البطولة والبسالة عندما أعلنوا علينا حرب الأعصاب وأرادوا أن يقضوا علينا. فيجب علينا أن نقابل دسائسهم هذه بما يجب متذرعين بالمثل القائل ليكن ما يكون ويجب أن نثبت بالميدان فإن متنا متنا مشرفين مكرمين وإن عشنا عشنا كذلك. وهو أمر تفرضه علينا روح البطولة والإنسانية الحقة. وأصبح لزاماً علينا أن نشمر عن ساعد القوة1.

ولم يصل نبأ اتفاق الدول الأربع إلى الآستانة قبل الثالث من آب من السنة نفسها. فهبَّ وزراء الترك لتطبيق الاتفاق وأوفدوا مستشار الخارجية رفعت بك ورئيس الليمان إبراهيم خوجـه قبودان مصحوبين بالمستر ألسن «معاون الكولونيل الإنكليزي» إلى الإسكندرية فوصلوا إليها في الثالث عشر من آب وأدخلوا حمام البحر للحجر الصحي2. وفي السابع عشر من الشهر نفسه حمل رفعت بك إلى العزيز خطاباً من الباب العالي يتضمن مقررات لندن ولم ينقل شيئاً يخرج عن مضمون هذه المقررات ولكنه «أدلى بها بأسلوب لين يكاد يبلغ درجة الضراعة والابتهال». فقدر العزيز أنه مرخص لرفعت بـك أن يتوسع في مأموريته بعض الشيء ولذا فإنه رد عليه بالرد اللازم «القاطع» فبات رفعت بك في حيرة من أمره3 وعاد إلى قناصل الدول يطلب معونتهم فدخلوا على العزيز وأبلغوه بدورهم نص المقررات المعهودة وعرضوا عليه أن تكون مصر له ولورثته من بعده وعكة مدة حياته وأمهلوه عشرة أيام يقبل فيها ما عرضوه عليه رسمياً ودونوا ما قالوه وحذروه عواقب الامتناع.

وكان فاليفسكي ابن نابوليون غير الشرعي يحض العزيز على الاعتدال ويحبب اليه معونة فرنسة والسماح لها بالمفارضة باسمه فرأى العزيز أن ذلك «لم ينشأ عن حب فرنسة لمصر وإنما نشأ عن رغبتها في الخروج من العزلة التي وقعت فيهـا وأنه على الرغم من إعراضه في بادئ الأمر فإنه سيقبل مضطراً4.

ومضى العزيز في استعداداته الحربية فأمر بغض النظر عن إرسال الجنود إلى اللجـاة


  1. المحفوظات ج ٤ ص ٤٢٦
  2. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج٤ ص ١٣٠
  3. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج٤ ص ٤٢٣
  4. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا -۳۱ آب سنة ١٨٤٠ - المحفوظات نفسها ج٤ ص ٤٤٣-٤٤٤
    راجع أيضاً فاليفسكي إلى نيير مجموعة إدوار دريو مصر وأوروبة ج۳ ص ۱۸۰-۱۸۱