صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٩٢
بشير بين السلطان والعزيز

وكان لا بد من موافقة الحكومة البريطانية فجرت مفاوضات شغلت الحكومتين فترة من الزمن.

وفي غضون هذا كله حل شكيب أفندي محل نوري أفندي ووجه في الحادي والثلاثين من أيار مذكرة إلى ممثلي الدول أبان فيها ما تقاسيه بلاده من عدم الاستقرار وما يتوجب على ممثلي الدول من إسراع في العمل لتجنب ما لا تحمد عقباه1. ثم عزل محمـد خسرو باشا ووصل نبأ عزله في الثاني عشر من حزيران فاهتم الممثلون للأمر واستدعى الوزير البريطاني سفير فرنسة إليه وطلب منه تبيان موقف حكومته من العرض النمساوي البروسياني الأخير وذلك بشكل واضح لا يدعو إلى الشك. وتضمن هذا العرض الحكم الوراثي في مصر والحكم مدى الحياة في جزء من بر الشام، فطلب المسيو غيزو إلى الوزير البريطاني أن يمهله الجواب كي يتمكن من استشارة حكومته. ففعل. وفي السادس عشر من الشهر نفسه كتب تيير يفيد أنه ليس بإمكانه أن يعرض اقتراح نومان على العزيز لأنه سوف لا يلقى القبول ولأن حجج العزيز في الرفض سوف لا تلاقي جواباً مقنعاً2.

وهكذا عندما يئس الجميع من إمكانية التعاون مع فرنسة عقدوا اجتماعين سريين في بيت الفيكونت بالمرستون في الحادي والعشرين والثامن والعشرين من حزيران واتفقوا على أسس المعاهدة لحل المشكلة. ولما كان لا بد من عرض هـذه الأسس على مجلس الوزراء البريطاني طلب بالمرستون إلى زملائه المفاوضين أن يمهلوه لهذه الغاية فوافقوا وما أن فعـل حتى لاقى من زملائه الوزراء معارضة شديدة أساسها عــدم رغبتهم في الانفصال عن فرنسة وحلّ التحالف معها. فهدد بالمرستون بالاستقالة وأبان في رسالته إلى اللورد وليم ملبورن أن عدم التعاون مع الدول الثلاث سيؤدي حتماً إلى تقسيم الدولة العثمانية إلى دولتين مستقلتين كل الاستقلال إحداها تدور في محور روسية والأخرى تتبع فرنسة وأنه سوف يضمحل نفوذ بريطانية في الاثنتين وتضحى مصالحها التجارية3. ووافق هذا كله وصول تقارير ضافية من الكولونيل هودج في الخامس من تموز تبين تفاقم الثورة في لبنان فوافق جميع الوزراء على عقد المعاهدة موضوع البحث ما عدا اللورد هولاند واللورد كلارندن4. وفي الثامن من تموز أعلن بالمرستون إلى زملائه المفاوضين أنه نجح في إقناع زملائه الوزراء بوجوب عقد


  1. شكيب أفندي إلى بالمرستون: الكتاب الأزرق البريطاني ج١ ص ٦٥٨-٦٦٠
  2. إنكلترا والمملكة الأورليانية للماجور جون هول ص ٢٦٧-٢٦٨
  3. حياة بالمرستون للسر هنري بولور ج۲ ص ٣٥٩-٣٦٠ و٣٦١-٣٦٣
  4. حياه اللورد جون رسل لسبنسر وولبول ج١ ص ٣٦٢