صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٩٠
بشير بين السلطان والعزيز

مشكلته. ولذا فإنه أوصى السفير الفرنسي في لندن بوجوب المماطلة لكسب الوقت وإفساح المجال للعزيز لتسوية قضيته مع الباب العالي مباشرة ولإضجار الدول واستخراج حلٍّ منها أفضل وأقرب لصالح العزيز1.

وكان الوزير البريطاني قد طلب في الخامس والعشرين من كانون الثاني إلى الحكومة العثمانية إيفاد ممثل إلى لندن يفاوض في أمر إبرام اتفاق دولي لحل المشكلة المصرية. فقر قرار هذه الحكومة على إيفاد سفيرها في باريز نوري لهذه الغاية. وما أن وصل نوري أفندي إلى لندن في مطلع نيسان حتى حرر رسمياً إلى ممثلي الدول في لنـدن ينبئهم بالصلاحيات المعطاة إليه لعقد اتفاق يحل المشكلة المصرية. وأضاف أن السلطان مستعد لمنح محمد علي حكماً وراثياً في مصر مقابل تنازله عن سائر الإيالات التي وجهت إلى عهدته سابقاً ومقابل إعادة الأسطول العثماني إلى مياه البوسفور2. فأجاب هؤلاء جميعهم بأنهم مستعدون للتعاون معه في تنفيذ رغائب حكوماتهم الصديقة التي تجلت في مذكرتهم المشتركة المؤرخة في السابع والعشرين من تموز سنة ١٨٣٩. أما غيزو فإنه اعترف بتسلم المذكرة الموجهة إليه وأضاف أنه سيعرضها على حكومته3.

وكان البرنس مترنيخ يخشى امتناع فرنسة التعاون مع سائر الدول فيرى أنه سوف لا يرسل قوة عسكرية إلى الشرق لإجلاء المصريين عن بر الشام أو الصمود في وجههم في محل آخر وأن بروسية أيضاً ستمتنع هي أيضاً عن إرسال مثل هذه القوة لعدم وجود أية مصلحة لها في الشرق توجب مثل هذا العمل ويرى كذلك أنه ليس لإنكلترة قوات برية يمكن إرسالها إلى الشرق وأن قوى إنكلترة والنمسة وروسية البحرية قد لا تكفي لمراقبة الأسطول الفرنسي وللقيام بأعمال حربية أخرى في آنٍ واحد. ولذا فإنه أصر على ممثله في لندن أن يتصل بالسفير الفرنسي لإيجاد حل يمكن فرنسة من الاشتراك في الاتفاقية الدولية المنتظرة4. فقام كل من ممثل النمسة البارون فيليب نومات وممثل بروسية فرايهر فون بيلوف يحثان السفير الفرنسي في لندن على إيجاد حل لتردد فرنسة وتأخرها عن التعاون مع زميلاتها وصديقاتها5. وطال أمـد التفاوض فتجاوز الشهرين أيار وحزيران وتأخرت نتانجه، وضلّ تيير من


  1. مذكرات غيزو ج٥ ص ٦٤
  2. نوري أفندي إلى بالمرستون-٧ نيسان سنة ١٨٤٠-الكتاب الأزرق البريطاني ج ١ ص ١٢٤-٦٢٥
  3. المجموعة نفسها ج١ ص ٦٢٧
  4. مذكراته الألمانية ج٦ ص ٤٢٩-٤٣٩
  5. مذكرات غيزو ج٥ ص ۷۸ و۸۱-۸۲ و۸۲-۸۳