صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/75

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٨٩
الفصل الثالث عشر: معاهدة لندن

ممثله أن ينقل موافقته على مشروع بالمرستون وأن يفاوض لعقد اتفاق بهذا المعنى1. فقام برونوف إلى لندن في أوائل كانون الثاني سنة ١٨٤٠ يحمل الاقتراح التالي: أولاً تسوية الخلاف التركي المصري تسوية دولية تضمنها أوروبة. ثانياً إعطاء محمد علي مصر وبر الشام حتى قلعة عكة بشكل وراثي وإعادة الأراضي الباقية تحت حكمه إلى السلطان. ثالثاً إذا امتنع عن قبول هذه التسوية تفرض عليه فرضاً من قبل الدول. رابعاً إذا توغل إبراهيم باشا في آسية الصغرى تنزل روسية جنودها لحماية الآستانة باسم الدول وتمخر سفن الدول عبر الدردنيل إلى بحر مرمرا. خامساً ولدى الانتهاء من هذه المهمة وبعد إخضاع محمد علي يقفل الباب العالي المضايق في وجه جميع السفن الأوروبية2. فاستدعى الوزير البريطاني سفير فرنسة إليه وأطلعه على الاقتراح الروسي ثم أضاف قائلاً البارون نومان قـد وصل من ڤيينة لينقل موافقة حكومته على الاقتراح الروسي وبإمكاني أن أؤكد أن بروسية ستوافق أيضاً ولذا فإني أرجو ألا ترفض فرنسة التعاون معنا3.

وامتعض المارشال الفرنسي وخشي سوء العاقبة واحتار في أمره فصبَّ غضبه على الكونت سيباستياني ممثله في لندن ونسب إليه عطفاً خاصاً على الأتراك جعله يوافق بالمرستون في رأيه. فاستدعاه إلى باريز وعين مكانه فرانسوا غيزو الذي كان قد اشتهر بدفاعه عن الوضع الراهن في الشرق4. وأوصاه بوجوب السعي لإعطاء محمد علي حكماً وراثياً في بر الشام ومصر معاً ولجعل الحد الفاصل بينه وبين السلطان جبال طوروس لا صحراء سيناء. ولكن قضية معاش الدوك دي نيمور التي أثيرت في المجلس النيابي الفرنسي أدت إلى سقوط وزارة صولت قبل أن يتمكن غيزر من القيام بما أوكل إليه. وكان رئيس الوزارة الجديد لويس تير قد رفع صوته عالياً في المجلس النيابي في الثالث عشر من كانون الثاني مدافعاً عن التحالف الفرنسي البريطاني مبيناً أهمية المحافظة على السلم في أوروبة. فاستبشر الوزير البريطاني بوصوله إلى منصة الحكم في فرنسة وأمل به خيراً5. ولكن غيزو خشي سخط الرأي العام الفرنسي بقدر ما خشيه سلفه المارشال فلم يجرؤ على القول بإكراه العزيز واللجوء إلى العنف في معالجة


  1. کلانس بكارد إلى بالمرستون - ۲۲ تشرين الثاني - ونسلرود إلى كيسيليف بالتاريخ نفسه: المجموعة نفسها ج۱ ص ٥۰۲ و ٥٠٤-٥٠٥
  2. المجموعة نفسها أيضاً ج۱ ص ٥۲۹-٥۳۱ راجع أيضاً مذكرات غيزو ج٤ ص ٥٥۹-٥٦۱
  3. إنكلترة ومملكة أورليان للماجور جون هول ص ۲٥۸
  4. مذكرات غيزو ج٤ ص ۳۷۰
  5. بالمرستون إلى بوفايل -۱۳ آذار سنة ١٨٤٠- الكتاب الأزرق البريطاني ج ١ ص ٦٠٠-٦٠٣