صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/72

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٨٦
بشير بين السلطان والعزيز

وفرنسة معاً. فإذا ما حطم الأسطول المصري وحطم الباشا معـه حطمت الدولة العثمانية أيضاً. وسياستنا اليوم ومنذ بدء الأزمة تقضي بألا ندع الآستانة تطلب معونة من الخارج دون موافقتنا»1. وفي السادس والعشرين من آب أي بعد هذا بثلاثة أسابيع لمس القائم بالأعمال البريطاني في باريز السر هنري بولور أن حكومة المارشال صولت تعارض اللجوء إلى العنف في معاملة محمد علي إن في الحد من طموحه أو في إكراهه على إعادة الأسطول إلى السلطان2.

وكان القيصر نقولا الأول يبتعد عن المؤتمرات الدولية لخشية اتخاذ قرارات بسلامة الدولة العثمانية3 ففرق بين المحافظة على استقلال الدولة وبين ضمان سلامتها وأعرب عن استعداده للتعاون مع الحكومة البريطانية في الحد من مطامع العزيز وحضه على الاكتفاء بحكم مصر الوراثي وأظهر رغبته في عدم تطبيق مواد معاهدة هنگار إسكلەسى4. فلفت هذا كله نظر الوزير البريطاني وجعله يغير موقفه من القيصر وحكومته ولا سيما وأن هذه العروض جاءت في وقت كان قد بدأ الخلاف يدب فيه بين الحكومتين البريطانية والإفرنسية. وأنس القيصر بهذا فجعل رئيس حكومته الكونت شارل فون نسلرود يفيد السفير البريطاني في بطرس برج المركيز كلانريكارد في السابع والعشرين من آب أنـه نظراً لتحسن نوايا الحكومة البريطانية نحو روسية فإن القيصر يرغب في تحسين هذا التحسن إلى الدرجة القصوى وفي توثيق التفاهم السعيد بين الدولتين ولذا فان جلالته قرر إيفاد البارون دي برونرف أحد كبار المحظوظين من رجال السياسة لديه في مهمة خاصة إلى لندن5.

وقام البارون دي برونوف إلى لنـدن فوصلها في الخامس عشر من أيلول سنة ١٨٣٩ مزوداً بالتعليمات التالية: أولاً في أنه يجب على الدول البحرية أن تتخلى عن عقد اتفـاق دولي لضمان سلامة الدولة العثمانية ثانياً ويجب أيضاً أن تتخلى هذه الدول عن الفكرة التي تقضي بدخول أساطيلها في بحر مرمرا في حال وصول قوات روسية لحماية الآستانة من جيش إبراهيم باشا. ثالثاً في أن القيصر يوافق على المبدأ القائل بوجوب إقفال المضايق في وجه سفن


  1. المارشال صولت إلى بوركي – ٦ آب سنة ١٨٣٩- مذكرات غيزو ج٤ ص ٥۳۲-٥٣٥
  2. الكتاب الأزرق البريطاني ج١ ص ٣۲۱
  3. القائم بالأعمال البريطاني في برلين إلى بالمرستون – ۲۰ نموز سنة ١٨٣٩ - الكتاب الأزرق البريطاني ج ١ ص ٢٣٦-۲۳۷
  4. الكتاب الأزرق البريطاني ج ١ ص ۲۹۹-۳۰۰ و۳۷٥
  5. کلانريكارد إلى بالمرستون: الكتاب الأزرق البريطاني ج١ ص ۳۷٥