بعده ولم يبلغ السادسة عشرة. فعاد محمد خسرو باشا إلى الحكم. وخاف قائد الأسطول العثماني أحمد فوزي باشا مغبة حكم خسرو باشا وخليل باشا وعظمت وساوسه. فزين له وكيله عثمان باشا أن يلتجئ إلى محمد علي باشا خصم خسرو باشا القديم ويسلمه الأسطول فينال مكافأة وحسن الجزاء. فأصغى فوزي باشا لهذه المشورة وكتب إلى العزيز يبين أن الخضوع لخسرو وأمثاله مضر بمصلحة الأمة وأنه سينتظر الجواب على رسالته هذه في مياه رودوس. فأجابه العزيز بأن أهمية الموضوع وخطورة الموقف تقضيان أن يتبادلا الأراء شفاهاً. وطلب إليه أن يأتي بالأسطول إلى مياه الإسكندرية للبحث في الموضوع1. والتقى الأسطول الثاني وهو لا يزال في بحر إيجة بقطع من الأسطول الفرنسي بقيادة الأميرال لالاند وذلك في الخامس من تموز سنة ١٨٣٩. فاتصل أحمد فوزي باشا بزميله الإفرنسي وأطلعه على ما أضمره وعزم على تنفيذه ورجاه ألا يعترضه في ذلك. فأجابه الأميرال لالاند أنه ليس في التعليمات التي تلقاها من حكومته ما يخوله هذا الاعتراض2. ولدى وصول أحمد فوزي باشا إلى رودوس أوفد وكيله إلى مصر ليخبر العزيز بما عزم عليه. فابتهج العزيز ابتهاجاً عظيماً وأنفذ معتمداً على السفينة البخارية النيل يبلغ القبودان باشا سروره. ثم أقلعت الدننمة الثانية من رودوس بقيادة القبودان باشا إلى مصر فبلغت مياه الإسكندرية في الرابع عشر من الشهر نفسه. وكان الأسطول المصري خارج البوغاز يجري بعض التمارين البحرية بقيادة مصطفى مطوش باشا فدخل الأسطولان إلى الميناء معاً وعدد سفنها خمسون سفينة حربية تقل نحو ثلاثين ألف مقاتل وعليها نحو ثلاثة آلاف مدفع، وخرج القبودان باشا من سفينته في الخامس عشر متجهاً نحو البر فحيته مدافع الأسطول المصري بتسع عشرة طلقة وذهب تواً إلى سراي رأس التين يحيط به رهط من كبار الضباط. ولدى وصوله سلم سيفه إلى حبيب أفندي المعاون ودخل على العزيز فرحب به أجمل ترحيب، وبعد القهوة والشبوق أمر العزيز بانصراف الحضور وخلا بضيفه خلواً طويلاً3.
وتعاقبت الكوارث فأصابت الباب العالي ثلاث مرات في ثلاثة أسابيع: هزيمة نزب ووفاة محمود وخيانة القبودان. فأصدر السلطان الحدث عفواً «لوقاية عباد الله والابتعاد عن سفك دماء المسلمين» وأعلن استعداده للتعامل مع العزيز على أساس «مضى ما مضى» وأنعم عليه بوسام «ساطع» كالوسام الذي يحمله جميع الوزراء العظام و«بالقطر المصري على أن يتوارثه