صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/50

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٦٤
بشير بين السلطان والعزيز

فصدر الأمر إلى الفرسان بالهجوم فأقدموا ولكنهم اضطروا إلى التراجع. ولكن إبراهيم تمكن بعد وصول المدد بالعتاد من وقف هذا التقهقر. وما فتئ حتى بدأت كفة المعركة تميل إليه. فاستغل سليمان باشا هذا التطور وعمّ القتال الجبهة بأسرهـا وأصيب الفريق خالد باشا برصاصة قاتلة فلجأ الترك إلى الفرار تاركين كل شيء وراءهم بما في ذلـك خيمة حافظ باشا وأوراقه وأوسمته، واستولى المصريون على عشرين ألف بندقية ومئة وأربعين مدفعاً. وخسر العثمانيون أربعة آلاف وخمس مئة قتيل وجريح وحوالي الخمسة عشر ألف أسير، وبلغت خسائر المصريين ثلاثة آلاف رجل بين قتيل وجريح1.

وكتب إبراهيم إلى مصر يفيد أن القتال بدأ بين الجيشين حوالي الساعة الواحدة من يوم الإثنين في الثالث عشر من ربيع الآخر (٢٦ حزيران سنة ١٨٣٩) وأنه دام ساعتين فقط وأن الخصم ولى الأدبار لا يلوي على شيء في الساعة الثالثة. وأن الجناح الأيمن كان بقيادة سليمان باشا والأيسر بقيادة عثمان باشا والقلب بزعامة وكيل باشا (أي أحمد منكلي باشا) وأن كلاً من هؤلاء سيرفع تقريره مختوماً بخاتمه. وأنه لم يخسر من كبار الرجال سوی إبراهیم بك. ثم يرجو ألا يكون موقف السلطة المصرية موقفها بعد حمص وقونية: «فإذا كان لكم كلام في هذا الأمر أرجو الإفادة الآن لا بعد سنتين»2.

وقسم إبراهيم جيشه بعد نزب إلى قسمين نظامي وغير نظامي فأمر الأول بالتقدم نحو قونية والثاني بالسير على أورفة وخربوط وأكد المسيو كابي مندوب الحكومة الفرنسية أن عدم وجود المؤن في نواحي الفرات اضطره إلى اجتياز الحدود وإلى الدخول في بلاد العـدو وأمر بتشكيل جيش من أسرى العثمانيين لإرساله إلى الحجـاز3. فخشي العزيز شطر القوات المصرية وتوغلها في بلاد العدو وكتب إلى ابنه بوصول مندوب إفرنسي جديد إلى الإسكندرية يطالب بعدم التقدم وبوصول مندوب تركي جديد عاكف أفندي ولذا فإنه يوجب سحب القوات المصرية إلى ضفة الفرات الغربية4.

وتوفي السلطان محمود الثاني قبل أن تصل أخبار الهزيمة هذه إلى آذانه وتولى ابنه عبدالمجيد


  1. تاريخ الحركة القومية لعبد الرحمن الرافعي بك ج ۳ ص ۳۰۰ – ٣٠٦ التاريخ الحربي لعصر محمد علي الكبير للقائممقام عبد الرحمن زكي بك ص ٤٦٠-٤٨١ تاريخ محمد علي العسكري للجنرال ويغان ج ۲ ص ۱۰۲-۱۱۸
  2. إبراهيم باشا إلى حسين باشا – عن مزار ٢٦ حزيران - المحفوظات ج ٤ ص ١٢۳-١٢٤
  3. إبراهيم باشا إلى حسين باشا: المحفوظات ج ٤ ص ١٢٤ و۱۲٥
  4. محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج ٤ ص ۱۲۹ و۱۲۷ و۱۲۸