صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/49

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١٦٣
الفصل الحادي عشر: نزب

قوة مؤلفة من نحو ثلاثين فارساً وأخذوا سلاح أحـد السباهيين وبتروا عنقه. ولا شك أن دولتكم لا تجدون إلى إنكار هذه الحادثة سبيلاً. ولست أراني في حاجة إلى بسط مبلغ منافاتها لروح العبودية التي تدعونها. وأياً كان الأمر فإني أخطركم مخلصاً بإنكم إذا أيدتم أقوالكم بالأفعال كما يأمر الشرع الشريف بلغتم في ظل مولانا السلطان درجة تحسدون عليها بين الأقران»1.

وما أن وصل هذا كله إلى مسامع العزيز حتى أمر بضرب حافظ باشا وإخراجه بالقوة من الأراضي المصرية. ففي السادس عشر من حزيران كتب حسين باشا إلى إبراهيم باشا يقول «إن الجناب العالي يأمر بضرب العدو ورده على أعقابه نظراً لتوغله في الأراضي المصرية وإن أدى ذلك إلى مقاتلة جيشه الكبير في نزب». ثم أردف هذا بكتاب آخر في التاريخ نفسه يقول: «لقد وصل مندوب من قبل المارشال صولت وهو يرغب في مقابلة السرعسكر باشا. ولكن الجناب العالي سيعيقه عن السفر إلى برالشام إلى أن يتسنى للسرعسكر ضرب العدو ضربة قاضية ومجابهة الدول بالأمر الواقع. فتقدموا حالاً واستعجلوا في ضرب العدو»2.

وتحرك الجيش إلى توزل وعبر نهر ساجور وانتقل منها إلى مزار فوصلها في الساعـة العاشرة صباحاً وضرب الطليعة العثمانية فيها – ألايين من المشاة وخمسة مدافع وخمس مئـة جندي غير نظامي - فانسحبت إلى نزب وأصبح المصريون على بعد ساعتين عن العثمانيين. وقام سليمان باشا يستكشف الأراضي إذ لم تك هناك خارطات تفصيلية دقيقة كما هي الحال هذه الأيام. وأدرك إبراهيم أن اقتحام مراكز العدو مجابهة أمر عسير فرأى أن يدور حول ميسرة الترك ليزحزحهم من مراكزهم المحصنة وشرع ينفذ هذه الخطة. وأشار فون مولتكه وزملاؤه الألمان على حافظ باشا بوجوب مهاجمة المصريين أثناء حركة الالتفاف هذه وقبل أن ترسخ أقدامهم في مواقعهم الجديدة، ولكن زملاءهم الأتراك أبوا أن يغادروا استحكاماتهم ويغامروا في قتال في العراء وفي سهل مكشوف. وأكمل المصريون حركة التفافهم هذه واحتلوا أكمة عالية تكشف مراكز العدو ونصبوا مدافعهم عليها. ثم أصلوا ميسرة الترك ناراً حامية وهجموا عليها فتلقى الأتراك الهجوم بثبات وشجاعة واستمرت نار الحرب وحمي وطيسها ونفدت ذخيرة المدفعية المصرية فتقلقل المشاة، من الجناح الأيمن المصري وارتدوا إلى الوراء.


  1. إبراهيم باشا إلى حسين باشا: المحفوظات ج ٤ ص ١١٦ و۱۱۸-۱۱۹
  2. حسين باشا إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج ٤ ص ۱۲۱-۱۲۲