نجل الأمير بشير. وما أن وصل خبر هذا التراجع إلى الباشاوات في منتصف الطريق بين حمص وبين حماة حتى جدوا في أثره فلحقوا به في سهل الزرّاعة بالقرب من قرية القصير. فدبّر إبراهيم خطته وجعل بينه وبين أخصامه ترعة ماء ثم شطر خيالته شطرين وركز خلف كل منها مدفعية كافية وأوهم خصمه أنه سيلزم خطة الدفاع. فانخدع الباشاوات وهجموا بكل ما لديهم. فلبثت الخيالة المصرية صامتة حتى إذا أصبح الخصم على مسافة معلومة ارتدت عليه بسرعة عجيبة والتفت حوله وعندئذ بدأت المدافع المصرية تقذف نيرانها فاصطادت الخيالة عساكر الباشاوات صيداً وقتلت منهم ما يقرب من الثلاث مئة فارتدوا على أعقابهم خائبين1.
وظنت أوساط المعارضة في لبنان أن دورها قد أتى فأصغت إلى إغراء محمد باشا والي حلب وإلى صوت بعض من التجأ إليه من زعمانها كأولاد الشيخ بشير جنبلاط والشيخ أسعد النكدي2 ووقعت من جراء ذلك مشادة بين بعض الدروز وبين بعض النصارى في دير القمر وفي المتن وفي زحلة. فكتب الشهابي الكبير إلى هؤلاء يتهددهم ورأى أن يستغل وجود إبراهيم باشا وجيشه في البقاع فقام من عكة إلى بتدين وأرسل عوضاً عنه الأميرين ملحم حيدر وفاعور قعدان الشهابيين ثم قام مع إبراهيم باشا على رأس قوة مصرية إلى دير القمر وأنزلها في دور النكديين فوقع الرعب في قلوب المعارضين وجاؤوا إلى بتـدين مستسلمين طائعين3، وبعد أن قام إبراهيم باشا من بتدين إلى زحلة كتب إلى الشهابي الكبير أن يرسل بعض وجوه المعارضة إلى المعسكر في عـكة فأرسل الأمير من اللمعيين الأمير سعدالدين مراد والأمير بشير قايدبيه، ثم أرسل الأمير أمين أرسلان والشيخ حسين تلحوق والشيخ يوسف عبد الملك وأمر الوزير أيضاً بداهمة الأمير بشير الشهابي الصغير والأمير سلمان سيد أحمد والأمير حسن أسعد الشهابيين لأنه بلغه أنهم سينهضون لملاقاة عساكر السلطان4. ولكن هذا كله لم يمنع عدداً من النكديين ورجالهم من الفرار إلى حمص ومعهم الشيخ
- ↑ الأصول العربية: إبراهيم باشا إلى الأمير قاسم الشهابي ج ١ ص ۱۲۰ راجع أيضاً المحفوظات الملكية المصرية تقرير يوحنا بحري إلى الباشمعاون ج ۱ ص ۲۷۰-۲۷۳
- ↑ راجع بعض رسائل هؤلاء إلى النكديين وبيت الأعور وبني هلال في المحفوظات الملكية أيضاً ج ١ ص ۲٥۷-٢٦٠
- ↑ أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٥۷۱ راجع أيضاً كتابنا مخطوطة القس أنطون الحلبي ج ١ ص ۱۳ و۱٥. اطلب أيضاً المحفوظات الملكية المصرية ج ١ ص ٢٨٤ و٢٨٦
- ↑ تجد تفاصيل هذا كله في أخبار الأعيان أيضاً ص ٥۷۲-٥۷۳