صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٧٢
بشير بين السلطان والعزيز

محمد القاضي الشهير ومن المحاربة مع الجنبلاطيين والعماديين هناك إلى جانب الدولة. فأمر إبراهيم باشا بهدم دور الذين توجهوا إلى حمص فنفذ أمره في كل من دير القمر وكفرنبرخ والمختارة1.

وبعد أن أمن شر المعارضة في لبنان على هذا الشكل قـام القائد المصري إلى بعلبك ينظم حاميتها ليلتهي بها العثمانيين عن عكة. وبعلبك كما لا يخفى تهدد بموقعها المتوسط كلاً من دمشق وحمص وطرابلس وبيروت وتسيطر في الوقت نفسه على طريق عسكري شهير يصل شمالي سوريا بجنوبيها ويضيق جداً عند بعلبك نظراً لاقتراب السلسلتين اللبنانيتين بعضها من بعض. وكان إبراهيم باشا قد أمر ابن أخيه عباس باشا أن يأتي إلى بعلبك على رأس ألالاي الثاني عشر من المشاة وألاي الخيالة الثالث وبطاريات ثلاث ففعل وأصبح لدى إبراهيم في تلك البرهة في بعلبك أربعة ألايات من المشاة وألايات من الخيالة ومدفعية كافية2.

وكان السلطان قد أصدر «التوجيهات» السنوية بمناسبة عيد رمضان واستهلها بإرجاء تعيين حكام مصر والحجاز وكريت إلى أن يكون محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا قد رجعا عن الخطأ الذي ارتكباه، وتوقع أن يكون في ذلك ما يكفي لدخولها في الطاعة. ولكن العزيز وابنه ثابرا في خطتها وتابعا أعمال الحصار في عكة مصرين على موقفها مؤكدين أنها إنما يرميان بذلك إلى رفع بلية عكة وإن الأوفق أن تعود القوات المحتشدة في حمص إلى حلب إذ لا بد من صدور العفو السلطاني3. ثم كان ما كان في الزراعة فأصدر السلطان فرماناً همايونياً إلى حسين باشا «السردار الأكرم» بين فيه خروج محمد علي باشا عن الطاعة وأوجب قصاصه وصدرت الفتوى بهذا من جانب شيخ الإسلام مذيلة بإمضاءات أربعين عالماً من علماء الآستانة4. وأعلم السلطان الدول بخروج محمد علي باشا عليه وبعزله من منصبه وتجريد


  1. المرجع نفسه. ويرى المؤرخان الإفرنسيان المعاصران كادالغان وبارو أن الأمير خليلاً ابن الشهابي الكبير كان يقوي هذه المعارضة ويقول قولها لأن والده كان قد قدم أخاه أميناً عليه فسلمه مقاليد الأمور في أثناء غيابه في عكة. ولكننا لم نقف حتى هذه الساعة على أي مصدر آخر يقول هذا القول ولا نرى في سلوك خليل ما يزيد مثل هذا الاستنتاج. راجع كتابنا المشار إليه آنفاً ص ١٢٥
  2. کادالغان وبارو ص ۱۰۸-۱۰۹
  3. محمد علي باشا إلى الباشاوات في حمص ١٢ ذي القعدة سنة ١٢٩٧ (۱۸۳۳) لم يرسل. اطلب المحفوظات ج۱ ص ٢٦١
  4. کادالغان وبارو ص ۱۱٤-۱۲۳