صفحة:النقد الأدبي (1954) - سيد قطب.pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
-٥-

«وأصولا»، للنقد وقواعد، حتى لا يكون الذوق الخاص هو وحده المحكم، والثاني حاولت أن أصف فيه مناهج النقد في القديم والحديث.

وربما خطر على البال أن الترتيب العكسي لهذين القسمين كان أولى، فالمناهج هي التي تقوم عليها الأصول. ولكني في الواقع أردت أن أكون في الأول ناقدًا تطبيقيًا إلى حد كبير. ناقدًا يضع الأصول ويطبقها، وبين القواعد و يختبرها حتى إذا وصلت بالقاريء إلى القسم الثاني وهو قسم وصفي نظري، كان القسم الأول نموذجًا محسوسًا للنظريات المجردة، وتطبيقًا عمليًا للمناهج المقررة.

ولما كان موضوع النقد الأدبي هو «العمل الأدبي» فقد آثرت أن أتحدث أولًا عن ماهية العمل الأدبي، وغايته، والقيم الشعورية و التعبيرية فيه، وفنونه المتنوعة، وأن أبين أصول كل فن من فنونه، وطريقة نقده وتقویمه، وأَکثرتُ من النماذج قدر الإمكان، لتكون الأصول والقواعد مستمدة من النماذج والوقائع.

أمَا «المناهج»، فقد تحدثت عنها في القسم الثاني من الكتاب وهي: «المنهج الفني، والمنهج التاريخي، والمنهج النفسي، والمنهج التكاملى» ولعل هذا أشمل تقسيم المناهج النقد لا يستطرد بنا إلى تفصيلات صغيرة لجميع النزعات والاتجاهات، التي تنطوي في خلال هذه المناهج الكبيرة.

هذا ولم أرد أن أحمل «النقد العربي» على مناهج أجنبية عنه، لها ظروف تاريخية وطبيعية غير ظروفه، بل آثرت أن أتحدث عن هذه المناهج في محيط النقد العربي في القديم والحديث، فإذا اضطررت إلى الاقتباس من مناهج النقد الأوروبي كان هذا في الحدود التي تقبلها طبيعة النقد في الأدب العربي، وتنتفع بها وتنمو بها نموًا طبيعيًا، بعيدًا عن التكلف والافتعال.

* * *

وقد يرى القارىء بادىء ذي بدء أنني آثرت «المنهج الفني» على المنهجين التاريخي والنفسي، ولكنه حين ينتهي من قراءة الكتاب سيرى أن المنهج المختار هو «المنهج التكاملي» الذي ينتفع بهذه المناهج الثلاثة جميعًا، ولا يحصر نفسه داخل قالب جامد أو منهج واحد.

فالمناهج إنما تصلح وتفيد حينما تتخذ منارات ومعالم، ولكنها تفسد وتضر