قالوا: لم يكن بالأندلس أقلّ منه ها هنا، ولكن تناظر الفريقان يوماً بين يدي السلطان فقال لهما: من أين كان أبو حنيفة؟.
قالوا: من الكوفة. فقال: ومالك؟. قالوا: من المدينة. قال: عالم دار الهجرة يكفينا. وأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة وقال: لا أحبَّ أن يكون في عملي مذهبان: وسمعت هذه الحكاية من عدَّة مشايخ بالأندلس… انتهى.
قلنا: وفي هذه القصة ما لا يخلو من نظر، فإن وهب بن وهب هذا لا نعلم أحداً ذكره فيمن أخذ عن الإمام مالك، وإنما الآخذ عنه عبد الله بن وهب، وهو لم يرحل إلى المغرب، بل كان بمصر ومات بها.
وأما أسد بن عبد الله فصوابه على ما يظهر أبو عبد الله، ويكون المراد به أبا عبد الله أسد بن الفرات، فهو الذي لقي محمد بن الحسن وتفقه بأصحاب الإمام أبي حنيفة، ونشر مذهبه بأفريقية، وذلك بعد أن رحل إلى الإمام مالك وأخذ عنه، ولم يصادفه عليلاً، فأحاله على ابن وهب كما ذكروا، بل قال له لما استزاده بعد فراغه من السماع منه:
٥٦