صفحة:المذاهب الفقهية الأربعة وانتشارها عند جمهور المسلمين.pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

وذكر أيضاً أنه سأل بعض أهل المغرب: كيف وقع مذهب أبي حنيفة – رحمه الله - إليكم ولم يكن على سابلتكم؟

قالوا: لما قدم وَهْب بنُ وهْب من عند مالك رحمه الله، وقد حاز من الفقه والعلوم ما حاز، استنكف أسد بن عبد الله أن يدرس عليه، لجلالته وكِبَر نفسه، فرحل إلى المدينة ليدرس على مالك، فوجده عليلاً، فلما طال مقامه عنده، قال له: إرجع إلى ابن وهب فقد أَوْدَعْتُهُ عِلْمِي وكَفَيْتكُم بِهِ الرِّحلَة. فصعب ذلك على أسد وسأل: هل يُعْرَف لمَالِك نَظِيرٌ؟ فقالوا: فتى بالكوفة يقال له محمد ابن الحسن صَاحِبُ أبي حنيفة.

قالوا: فرحل إليه، وأقبل عليه محمد إقبالاً لم يقبله على أحد، ورأى فيه فهماً وحرصاً، فزقّه الفقه زقاً.

فلما علم أنه قد استقلّ وبلغ مُرَاده فيه، سيَّبه إلى المغرب، فلما دخلها اختلف إليه الفتيان، ورأوْا فروعاً حيّرتهم، ودقائق أعجبتهم، ومسائل ماطنت على أذن ابن وهب. وتخرج به خَلْقٌ، وفشا مذهب أبي حنيفة رحمه الله بالمغرب.

قلت : فَلِمَ لم يَفْشُ بالأندلس؟

٥٥