صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١٥

والواقع الأصيل لن يحصره إدراك فرد ... إن الحقيقة أعلى بكثير وأكبر بكثير من كل ما يتصوره فرد أو جيل؛ وإن الواقع لأعمق بكثير مما تحده الأبصار والحواس؛ وإن ما يسميه أبناء الفناء بالواقع والحقيقة إن هو إلا طرف صغير ضئيل من الواقع ومن الحقيقة؛ وإنهم لن يستطيعوا إدراك ما هو أكثر وأكبر ما داموا يثقون في حواسهم هذه الثقة العجيبة، وينخدعون بأذهانهم هذا الانخداع المريب؛ وإنهم لن يصلوا إلى شيء إلا بالوجدان والخيال والأحلام. هذه هي الأشعة السحرية التي تكشف الآباد والآفاق؛ وتنير للإنسانية فترى على ضوئها ما لا تدركه عقولها، وما لا تبلغه خطواتها، ولكنها تتزود منه باللمحة والنظرة؛ وتهدف في شوقها إليه نحو الحقيقة والخلود.

... كان الملك يسمع هذه التسجيلات من شهر زاد، وهو مأخوذ مشدوه، كأنما يستمع إلى هاتف من الغيب وراء الأستار.

فلما سكتت تنبه كما يتنبه الحالم وقال:

—– والآن يا شهر زاد، هيا بنا إلى عالم الحقيقة الكبرى. عالم الأحلام والخيال!

قالت شهر زاد: