صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/16

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

١٤

وإلى الأكوان الحالمة، وإلى الآفاق الوضيئة، التي عشنا فيها ثلاثة أعوام؟

قالت شهر زاد في تخابث ودلال:

– أخشى أن يكون هذا الحديث تلطفاً من الملك مع مولاته شهر زاد، أراد أن يشعرها به أنه لم يأذن لها في الاعتزال عن ملل!

قال شهريار في حماسة:

– كلا كلا يا شهر زاد. أؤكد لك أنها رغبة حقيقية. لقد ضقت بهذا العالم المحسوس. لقد شعرت بالغربة فيه بعد أن فارقته ألف ليلة وليلة، ونسيت ضيقه وتحجره؛ حتى إذا عدت إليه ألفيته كما تركته قبل أحاديثك الجميلة. إنه مزعج. إنه رديء. إنه نوع من الموت في أثناء الحياة!

قالت شهر زاد: وقد اطمأنت إلى مكانها، وانتقمت لكبريائها: – الحق – أيها الملك – لقد كنت أقدر ذلك كله. كنت أعلم من اعتاد الحياة في جو الأحلام الوضيئة والخيال الطليق والعوالم الفسيحة، عزيز أن يقص أجنحته، ويقبع في هذا العالم الضيق الذي يدعونه عالم الحقيقة والواقع. والحقيقة والواقع مظلومات يا مولاي. فالحقيقة الكبرى لن تحدها نظرة جيل،