صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/121

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۱۱۹

البرج القائم فيها. ثم يرتد إلى المدينة، فيظل يصرخ في جنباتها صرخات مذعورة إلى أن يدركه الإعياء، فينطرح على الأرض حيثما اتفق : في الطريق، أو على عتبة دار، أو في منعرج من الغابة. والفتاة تتبعه حيثما ذهب، وتلمحه عن كثب، خيفة أن تفترسه الوحوش، أو يموت من الجوع. وفى لحظات ذهوله تجرعه جرعة ماء، أو تدس في فمه لقمة أو ثمرة فاكهة، حتى لا يقتله الظمأ والطوى.

وظل على هذه الحال أياما طويلة والفتاه الوفية المحجبة تتبعه كظله، حتى أفاق من غاشيته، وسرى اليأس إلى قلبه، وعلم أنه كان حلم وانتهى كما تنتهي الأحلام، فعاد إلى حبيبته الأولى

ولاحظ ذات يوم أن الزمن في المدينة لا يتغير، فهو أبداً مطلع صبح. وعندئذ أدرك مع ابنة عمه معنى قول الساحرة العجوز :

وقف الزمن. جمدت الحياة

وأدرك شهر زاد الصباح، فكنت من الكلام المباح.

***