صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

۸كان الملك يدير مثل هذه الأحاديث في نفسه حينها أدركت

شهرزاد بغريزتها الفطنة أن الانسحاب هو أنسب التصرفات. فلما سمع الملاك استئذانها أحس في نفسه بارتياح لذيذ، وتوارى الملل الذي كان يستشعره، وكبرت في نفسه شهر زاد من جديد.. . ولكنه أذن لها فيا تريد، لأنه لن يصير بعد اليوم على هذه الأحاديث. فلما كانت الليلة التالية وجد نفسه وحيدا في جناحه الخاص فأحس بارتياح شديد لهذه الوحدة المحبوبة.

ومرت الأيام ...

***

ولكنه منذ ثلاث ليال عاوده الأرق، فما ينام إلا في مطلع الفجر بعد التعب والهمود. أما في هذه الليلة الأخيرة، فقد أوشك الصبح، والأرق يلاحقه كالمطارد اللئيم. إن صدره ضيق ضيق، و إنه ليحس هذا الضيق يستحيل شيئاً مادياً محسوساً، يقبض عنقه ويزم صدره فيكتم أنفاسه، ويحس له بثقل شديد.

ماذا ؟

لقد عاش في الأرض تسعاً وتسعين ليلة. عاش في الواقع المحسوس الذي كان قد شاقه فتشهاه. عاش في العالم المنظور بحواسه