صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/99

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

هله دلیل المسألة من مجال الرأي والبحث الى مجال لا محل فيه لحكم غير حكم الضرورة ولا فيه التعدد البحوث والآراء ، واذا بالعالم الجديد يشترك في كل مشكلة من مشاكل القارات التي كان يحسبها من قبل فضولا لا يعنيه ، فلو أراد أن يتنحى عنها لما استطاع ولو أراد كلا العالمين أن يعتزل صاحبه لأعياه سبيل الاعتزال . وقد يكون دليل النكسات أدل على وجهة التاريخ الخطوات المطردة في طريق التضامن والوحدة فاننا لا كيف كانت هذه النكسات جزءا من عوامل السعى الى الوجهة المتابعة ، ولكننا نكتفى بأن ننظر الى كل نكسة من هذه النكسات على حدة ثم ننظر الى حالة العالم الانساني قبلها وبعدها فترى على التحقيق أن العالم الانساني كان بعد كل نكسة منها أقرب صلة وأدنى الى التضامن مما كان قبلها بسنوات . اننا نعلم یا كانت حروب الشرق والغرب على عهد الدولتين الفارسية والرومانية أبعد شيء أن تكون تمهيدا للتقارب بين أنحاء العالم وأبنائه ، وكذلك كانت غارات التتار وغارات الصليبين وغارات المستعمرين : كانت نكبات ونكسات ، وحاربها من ابتلى بشرورها كما تحارب النكبات والنكسات. ولكننا تنظر الى العالم بعد كل نكسة ، أو نكبة منها ، فنرى أنه تقارب ولم يتباعد ، وانه تهيأ بعدها لنكسة جديدة أكبر منها ليخرج منها كذلك أقرب صلة وأدنى الى وجهة الوحدة العامة والتضامن الوثيق . و كانت الصين في عزلتها العريقة ، فلما سطا عليها الاستعمار خرجت من عزلتها واجتمعت كلمتها بعد فرقتها ، وكان من عجيب شأنها أنها أخرجت أمة أخرى من عزلتها المختارة – وهي أمة الولايات لتقضى في مسألة الشرق الأقصى بسياسة الباب المفتوح لجميع دول 90