صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/97

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فلنفرض ولنقدر ولنا ، بل علينا ، أن تفرض ونقدر كما تعلمنا من العلم العزيز علينا نحن أبناء القرن العشرين . لنفرض وجهة التاريخ التي تعقلها والتي تتمناها للنوع الانساني ، كما تتمناها للانسان الفرد والجماعة من الناس . نستطيع بعقولنا وعواطفنا أن تتمنى للنوع الانساني غاية أفضل وأطيب من الوحدة العالمية التي يتحقق بها وصف النوع وتمامه - ولا تستطيع عقولنا وعواطفنا أن تتمنى للانسان الفرد غاية أفضل وأطيب من زيادة الكفاية والمعرفة وليست للجماعات المتفرقة غاية أفضل لها وأطيب من أن تتقارب على سنة الانصاف وأن تزول بينها فوارق الظلم والخضوع . y فاذا كنا قد أحسنا التقدير على هذا الفرض الذي تتمناه وأعقله نحسن الملاحظة اذا رجعنا الى حوادث التاريخ من مطلعه ففهمنا أن هذه الوجهة قائمة ، وأن النوع الانساني يتجه فعلا من التفرق الى التضامن كما يتجه الفرد من الهوان والضياع الى الكرامة والكفاية ، وتتجـه الجماعات من التفاوت والتغابن الى التقارب والانصاف ، وقد نتردد في الاختيار بين هذه الوجهة وبين وجهة أخرى تماثلها ، ولكننا لا تتردد طويلا في ترجيح هذه الوجهة وأمثالها على القول بالعبث والفوضى في تاريخ الانسان كله أو القول بنقيض تلك الوجهة في جميع تلك الأحوال . ( 1 ) وجهة النوع الانساني فالنوع الانساني ينتقل في تاريخه المعروف من التفرق في الموقع والمصلحة الى التضامن في جوانب الأرض وفي مرافق المصلحة العالمية . ۹۳