صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/95

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

جوهرية وضرورية لا غنى عنها ، وأن هذه الحقائق لا تصبح حقائق حتى تكون عقيدتنا هي التي جعلتنا كذلك » . وعلى هذه السنة نكون علميين ولا تقنع بالفلسفة وحدها اذا وضعنا النظرية العلمية مكان القانون العلمي المقرر وفسرنا ظواهر التاريخ بمعنى القصد والغاية ، ورأينا أن الاعتماد على الشجاعة العقلية هنا أولى بنا من الاعتماد على الراحة والقول بالمصادفة هربا من تكاليف الدعوى واسقاطا لمؤونة التفسيرات ليكن هذا المذهب في دراسة التاريخ نظرية علمية تقيس المعلوم على المجهول وتطرق أبوابا من الاحتمال المفتوح لا يجوز للعقل الأمين أن يوصدها ويحرم النظر فيها بغير برهان . المصادفة ودعوانا أن نظرية التاريخ المفهوم ، أو نظرية الغاية في التاريخ ، تفسر لنا أمورا كثيرة لا تفسرها المصادفة البحتة بغير معنى ، فضلا عن التي تلغى المعنى وتحسب الحوادث فوضى تخيط من ماضيها إلى مستقبلها خبط عشواء . وعلينا أن نبنى دعوانا على أساس صالح لاقامة البناء عليه ، وهذا الأساس هو مطابقة الواقع للغاية التي يمكن أن تتخيلها اذا قررنا أن التاريخ تدبير يشير الى وجهة ، فما هي الغاية التي يتصورها العقـل ويتطلبها البحث من وراء حوادث العالم بالنسبة الى النوع الانساني وبالنسبة الى الانسان الفرد وبالنسبة الى الطوائف والجماعات ? اننا اذا استطعنا أن نوفق بين الحوادث المتفرقة وبين هذه الغاية جاز لنا ، بل وجب علينا ، أن نقول بمعنى التاريخ ، وذلك ما نتحراه ونرجو أن تتبينه في المقارنة الموجزة بين بداية التاريخ المعروفة وبين حاضره المشهود . 41