صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ارادة الاعتقاد ( ١٨٩٧ ) وسماها أحيانا بشجاعة الاعتقاد ، وحجة المفكر العصري في ذلك أن الزمن قد تقدم بنا كثيرا في هذه الوجهة وفرض علينا شجاعة أدبية غير الشجاعة الأدبية التي كانت مفروضة علينا في عصور الحجر الظالم والتقليد الأعمى والاستسلام الذليل للخرافات والأوهام خوفا من اغضاب الطغاة أو اثارة الدهماء . ففي تلك العصور الغاشمة كان الشك واجبا عقليا وكان اعلان الشك شجاعة أدبية نفسية ، ولكن هذه الشجاعة في عصرنا هذا سيف يضرب في الهواء وحرب في ميدان خلو من الأعداء ، وانما الشبح الجديد الذي يتقاضانا شجاعتنا الأدبية هو : العناد في الانكار والانطلاق الى الطرف الآخر وهو طرف الاحجام عن اظهار الاعتقاد أو الميل اليه خوفا من مظنة التأخر والجحود ، فأصبح الانكار مجاراة للعرف أيام الجهالة والجمود . يقـول الفيلسوف الكبير وليام جيمس في مقاله عن ارادة الاعتقـاد : « ان القضية التي أدافع عنها هي : ان طبيعتنا الوجدانية لا يحق لها بل يجب عليها أيضا أن تفصل في مسألة الاختيار بين الآراء كلما كان الاختيار بينها داعية صدق لا تقبل الحل بالوسائل العقلية ، لأننا اذا قلنا في هذه الحالة : دعونا تترك الباب مفتوحا ، فهذه حالة وجدانية لا تختلف عن القول بنعم أو بلا ، وفيها نفس المجازفة بفقدان الحقيقة » . ويقول في مقاله هذا وهو قريب مما نسميه بشجاعة النظريات : « ان الاعتقاد حين نقيسه بالمقياس العملى الاثبات العلمي ، ونزيد على ذلك أنه هناك طائفة الحقائق يكون الاعتقاد عاملا من عواملها كما يكون معبرا عنها ، وأن العقيدة بالنسبة الى هذه الحقائق لا تعتبر جائزة أو مناسبة ولا زيادة ، بل تعتبر مع د لابد أن يسبق ذلك - -