صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/93

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

تلك العوامل المحسوسة المتكررة الخاضعة للمراقبة صحتها ، وهي هي والتسجيل في مواقعها من الأرض والفضاء . ونحن نسمح لأنفسنا بالجهل في أمثال هذه الظواهر الطبيعية ونسمح لأنفسنا بالتردد في الحكم عليها ، وتقرر وجـود الضوابط لها ونحن عاجزون عن ضبطها . فأحرى بنا أمام العوارض التاريخية التي تتسع لمجهولات الطبيعة الظاهرة والباطنة أن تقف منها موقفا كهذا الموقف وأن ندين بالأمانة العلمية على هذا النحو فلا نزيد عن حرف (س) الذي يرمز الى المجهول ، حتى نستبدل به جوابا أقرب الى الوضوح والبيان ولسنا نريد أن نخطو خطوة واحدة وراء الحد الذي تسمح به الأمانة العلمية حين تفضل القول بالتدبير على القول بالمصادفة العمياء . ولكننا نريد أن نضيف النظريات العلمية الى التجارب المقررة ، لأن الأمانة العلمية تقضى علينا بأن نطرق كل باب من أبواب التفسير ولا تغلق بابا منها بغير برهان ان الأرصاد لم تثبت لنا شيئا قاطعا عن حركات الكهارب والنويات و عن السوالب منها والموجبات والمتردد منها بين السلب والايجاب تارة الى هذا وتارة الى ذاك ، ولكننا أضفنا النظريات الى التجارب فيما تعلم عنها فصح التقدير في كثير من الأحوال . لتكن عندنا اذن شجاعة النظريات العلمية التفسير الظواهر المطردة في تواريخ الأمم ، لا بل هو الواجب العلمى وليس بالشجاعة العلمية وكفى ، اذ كان الواجب يأبى علينا أن ندع نظرية من التقاريات دون أن يكون لأهمالها سند ثابت لا مراجعة فيه . وأحرى بالمفكر العصري أن يتوسع في مذهب الفيلسوف الكبير وليام جيسس الذي شرحه قبل هذا القرن العشرين في مقاله البديع ۸۹