صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/92

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

عالم نستقر فيه ولا يوجد فيه القانون ، وعالم يوجد فيه القـانون ولا قرار لنا فيه .

الطريق کیا وعلى أي معنى من هذه المعاني فهمنا المصادفة نرى أنها حل قاصر عقيم ، أو نرى أنها في نهايتها اغضاء عن الحلول وبحث موقوف كأنه القاء للعبء عن الكاهل في منتصف الطريق ، مع تجاهل البقية الباقية من ، فليست المصادفة اذن أقرب الحلول ولا أضمن المواقف ، وليست هي يحسب أصحابها أمانة علمية تنتهى عند حدود المعرفة الانسانية ، لأنها في هذا الباب أقل من حرف (س) الذي يشير الى المجهول ويتركه مجهولا الى حين . فاذ حرف (س) أمانة علمية لا شك فيها من جانب الباحث الذي يجهل الحل ويعترف بجهله اياه ، ولكن المصادفة جزم برأي ونفى لرأي مخالف له ، وهو الرأي القائل بالتدبير ، ومن جزم بهذا الرأى بغير دليل قاطع ينفي ما عداه فليس له أن ذلك أمانة علمية ، وان كان العلماء الأمناء . انما الأمانة في مسألة كهذه أن نقف منها موقفنا من الأرصاد الجوية التي تصيب وتخطىء وقد تخطىء أكثر مما تصيب ، وهي – مع ذلك – تنبئنا عن ظواهر طبيعية محكومة بقوانينها التي لا يمترى فيها باحثان ، فما من عالم يقول ان الرياح وأشعة الشمس وعوارض المد والجـزر وحرارة القشرة الأرضية وطبقات الجو العليا تندفع بغير ضابط وتسكن لغير سبب ، وما من عالم يزعم أن النبوءة عنها مستحيلة مع الوقوف على جميع أسبابها وعواملها ، غير أن الرأي السليم فيها أن نفهم أنها عوامل طبيعية قابلة للتقدير الدقيق بجميع تفصيلاتها وتقلباتها ، ولكننا لا نحيط بها جميعا ولا تحقق النتائج على صحتها لأننا لا نحقق الأسباب على ۱٫۸