صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

متعدده الذهن الا صار اليه ثم عدل عنه إلى غيره ، ويستلزم « ثانيا » أن يكون هناك اجتناب متعمد للخطأ وأن يكون ذلك الخطأ معروفا بالنسبة الى الصواب المقصود في النهاية . والا فان الفرد يمكن أن يقع في أخطاء ويعود اليها أو الى مثلها بغير نهاية ، فان قدرنا أن ذلك لا يقع فنحن نقدر اذن أن هناك تدبيرا يقود يديه ويوحى اليه أن يختار ترتيبا بعد ترتيب على كل وضع يخطر على البال ، وقد يضع الألفات في موضع الياءات أو يضع الحروف جميعا في عين واحدة فلا يؤدي تكرار وضعها الى نسق تتألف منه الكلمات ، وان مصادفة كهذه المصادفة لهى أدل على الغاية والاستقامة على طريقها من قول الذين يقررون قيام القوانين من البداية هكذا بطبيعة مستقرة في أصل الوجـود ، وهو قول غريب ولا ريب . ولكنه أقل غرابة من الخطأ الذي يتكرر على وجه ولا يعود الى الخطأ مرة أخرى ، ولا يدع احتمالا واحدا الا استقصاه الاحتمالات بغير نسيان ولا اخلال يحضى جميع وآخرون يقولون ان القوانين ليست بقوانين في لبابها ، وانما نحن جزء من هذا الكون تلائمه ويلائمنا ولابد أن تشعر بالوقاق بين وجوده ووجودنا فنسمي هذا الوفاق قانونا وما هو بقانون . انما نحن مستقرون في عالم من العوالم وهذا الاستقرار هو العلاقة القائمة بيننا نسميها نظـاما وليست هي بنظـام في جميع الأحـوال وعلى جميع التقديرات . ولین . وفحوى كلام هؤلاء أن القانون لا يوجد وليس من طبيعته أن يوجد. وأنه اذا وجد فمن الواجب، ألا نكون نحن موجودين على وفاق معه ، لأن هذا الوفاق يلغي تصورنا القانون في جميع الأحوال وعلى جميع التقديرات ، وفحوى هذا الكلام مرة أخرى أننا بين عالمين لا يتشابهان : AY